شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[الرخصة]

صفحة 50 - الجزء 1

  عليه الدليل، (لعذر) يطرأ عليه، فيخرج الحكمُ ابتداء؛ لأنه مشروع لا لعذر، ووجوبُ الإطعام في كفارة الظهار عند عدم إمكان الرقبة والصوم فإنه الواجب ابتداء (مع بقاء مقتضي التحريم) للفعل أو الترك، أي: مع بقاء دليله معمولا به، فيخرج ما نسخ وجوبه أو تحريمه؛ لأن مقتضيه غير باق معمولا به، وكذا ما خص من عموم دليل الوجوب أو التحريم؛ لأن التخصيص مبين أن العام لم يتناوله حقيقة، بل ظاهرا، فهو كالحكم ابتداء.

  واعترض بتحريم الصلاة والصوم على الحائض، فإنه يصدق عليه تعريف الرخصة وليس منها؛ فلا يكون مانعا.

  وأجيب: بأن الحيض لا يسمى عذرا؛ فإن العذر الذي شرعت لأجله الرخصة: إما دفع تلف، أو مشقة، أو حاجة⁣(⁣١)، وترك الحائض للصلاة⁣(⁣٢) لا يدفع شيئا من ذلك، ولأن الرخصة عبارة عن الحكم المبني على أعذار العباد، والحيض مانع شرعي وليس بعذر.

  والرخصة قد تكون واجبةً، كأكل الميتة للمضطر، ومندوبةً، كصوم المسافر إن لم يضره الصوم. ومكروهةً كإفطار المسافر⁣(⁣٣) إن استوى عنده الأمران. ومباحةً، كالعرايا والسلم.

  وسببها قد يكون كذلك⁣(⁣٤)، ومحظوراً، وفعلاً لله تعالى، وللعبد، كسفر حج الفرض أو النفل⁣(⁣٥)، أو التجارة، أو حرب الإمام، وتسويغ⁣(⁣٦) من غص بطحال بالخمر حيث لم يجد غيره، وكالمرض⁣(⁣٧).


(١) كما في العرايا.

(٢) يعني: والصوم.

(٣) وقد مثل به للمباح منها، ذكره الشيخ لطف الله، وفيه ما لا يخفى.

(٤) أي: واجباً، ومندوباً، ومكروهاً، ومباحاً.

(٥) أي: وكسفر النفل وسفر التجارة، وسفر حرب الإمام.

(٦) هذا مثال لما كان سببه مكروهاً؛ لأن أكل الطحال مكروه.

(٧) هذا مثال لما كان فعلا لله تعالى.