شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[الخلاف في تجزؤ الاجتهاد]

صفحة 221 - الجزء 2

  ولو احتاج إلى مال كثير في التوصل إلى تعريفه الخطأ، ما لم يخش ضرراً أو فوات أهم منه من الواجبات.

  وقد روي عن ابن مسعود أنه كان يخبر من أفتاه بتغير اجتهاده حيث يتغير.

  وروي أن محمد بن الحسن أنفق عشرة آلاف درهم في تلافي فتوى أفتى بها خلاف الصواب، وهو محمول على أن خطأه خلاف الإجماع أو قصَّر في الاجتهاد، أو يكون ذلك منه على جهة الاستحباب.

[الخلاف في تجزؤ الاجتهاد]

  (و) قد وقع (في جواز تجزؤ الاجتهاد) بجريانه في مسألة أو مسائل مخصوصة⁣(⁣١) (خلافٌ) بين العلماء؛ فذهب المؤيد بالله، والمنصور بالله، والداعي، والأمير علي بن الحسين⁣(⁣٢)، والإمام يحيى، والمهدي $ والغزالي والرازي وغيرهم: إلى جوازه؛ لجواز اطلاع القاصر عن مرتبة الاجتهاد على أمارات مسألة على حد اطلاع المجتهد، وتكفيه معرفة ما يتعلق بها، ولا يضره جهل ما عداه.

  وقيل: لا يصح تجزؤه؛ لجواز تعلقها بما لا يعلمه.

  قلنا: احتمال تعلق المجهول بالمسألة المجتهَدِ فيها لا يدفع الظن الحاصل للفقيه؛ لأن المفروض حصول جميع ما هو مادة في تلك المسألة في ظنه نفياً وإثباتاً، إما بأخذه⁣(⁣٣) عن مجتهد، وإما بعد تقرير الأئمة الأمارات وضم كل إلى جنسه، فيتجزأ حينئذ الاجتهاد.


(١) قالوا: وفي فن دون آخر. وفيه: أن الاجتهاد يختص فن الأحكام والفروع دون سائر الفنون من النحو وغيره كما يفهم من حد الاجتهاد وإن كان الحق إمكان الاستنباط في سائر الفنون إلا أنه خلاف الاصطلاح.

(٢) الأمير علي بن الحسين بن يحيى بن يحيى بن الناصر الهادوي المعروف بصاحب اللمع، من أشهر فقهاء الزيدية في اليمن، أقام بصنعاء، وعاصر الإمام أحمد بن الحسين، وتوفي بقطابر سنة ٧٧٠ هـ.

(٣) وليس حصول الأمارة بطريق الأخذ والتعلم عن المجتهد ينافي الاجتهاد وإلا لم تقبل أخبار الآحاد. ح حابس.