شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[بيان شروط المجتهد الذي يجوز تقليده أو استفتاؤه]

صفحة 227 - الجزء 2

  ومعرفتهما تحصل إما بالخبرة أو الشهرة.

  (ويَكْفِيهِ) أي: يكفي من يريد التقليد من البحث في تحصيل ذلك إن لم يحصل أحد الأمرين⁣(⁣١) (انتصابُه للفتيا) من غير قدح ممن يعتد به في العلم والورع في ذلك المنتصب؛ إذ مع القدح لا يحصل الظن بعدالته فلا يجوز الأخذ بفتواه، إلا أن يعارض قدح القادح خبرٌ من مثله بعدالة المنتصب رجع إلى الترجيح. وأما قدح من لا يعتد به فغير ضائر.

  وإنما يكفي انتصابه للفتيا حيث كان (في بلد محق) أي: شوكته منسوبة إلى محق، سواء كان إماماً أو محتسباً أو ذا صلاحية أو منصوب الخمسة، إذا كان ذلك المحق (لا يجيز تقليد كافر التأويل وفاسقه)، وقد تقدم تحقيقُهما والخلافُ في قبول روايتهما.

  أما إذا كان من تقدم يرى جواز الأخذ عنهما لم يجز الأخذ عن ذلك المجهول، بل لا بد من اختباره.

  وكأن مذهب المصنف الفرق بين روايته وتقليده، حيث قال هنا: «لا يجيز» وفيما تقدم: «واختلف».

  ثم إن المستفتي إن لم يجد مفتياً في بلده وجب عليه الخروج في طلبه حتى يجده، وإن وجده في بلده متحداً فإن كان لا غيره فيها ولا في غيرها يعلمه تعين عليه العمل بقوله، ولعله اتفاق.

  وإن تعدد: فإما أن يتفقوا أو يختلفوا؛ إن اتفقوا وجب عليه اتباعهم؛ لأنهم إذا كانوا كل المجتهدين من العترة أو الأمة فللإجماع، وإن كان غيرهم مجتهداً ولم يكونوا كل أهل الإجماع فلأنه لا طريق له في الحادثة إلا قولهم.


(١) أي: الخبرة أو الشهرة.