شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[الدليل]

صفحة 52 - الجزء 1

[الباب الثاني في الأدلة]

  (الباب الثاني) من أبواب الكتاب يتضمن القول (في الأدلة(⁣١)) والأمارات وشروطهما، وكيفية الأخذ بهما.

  وإنما قدمها على ما بعدها لأن ما بعدها نظر⁣(⁣٢) فيما يتعلق بها، ويتعذر النظر في المتعلِّق بالشيء⁣(⁣٣) مع الجهل به.

[الدليل]

  (الدليل) لغة: فعيل بمعنى فاعل، من الدلالة، ويطلق على: المرشد - وهو الناصبُ لما يرشد به، والذاكر له - وعلى ما به الإرشاد.

  وفي اصطلاح الأصوليين: (ما يمكن التوصل بصحيح النظر فيه) وهو الفكر المطلوب به علم أو ظن، لكن المراد هنا الموصل (إلى العلم بالغير) وهو المدلول.

  ذكر الإمكان لإدخال ما لم ينظر فيه؛ فإن الدليل لا يخرج عن كونه دليلاً بأن لا ينظر فيه أصلاً، وذكر الصحيح - وهو المشتمل على شرائطه مادة وصورة - لإخراج الفاسد؛ لأنه لا يمكن التوصل به إلى العلم، إذ ليس هو في نفسه سببا للتوصل ولا آلة له، وإن أفضى إليه نادراً فاتفاقي⁣(⁣٤) بواسطة اعتقاد، كما إذا نظر في العالم من حيث البساطة، وفي النار من حيث التسخين، فإن البساطة والتسخين ليس من شأنهما أن ينتقل بهما إلى وجود الصانع والدخان، ولكن يؤدي إلى وجودهما هذا النظر ممن اعتقد أن العالم بسيط، وكل بسيط له صانع، وممن اعتقد أن كل مسخن له دخان⁣(⁣٥).


(١) جعل الأدلة جمع قلة؛ لأنها لم تزد على تسعة، وإن اختلفوا في إثبات بعضها ونفي بعضها، وبعضهم زاد التفويض.

(٢) أي: بحث.

(٣) في نسخة: «متعلق الشيء».

(٤) ومعنى اتفاقي: أنه وافق القياس الصحيح في النتيجة، نحو «هذا الجدار إنسان، وكل إنسان جسم» ينتج: «هذا الجدار جسم»، فهذا القياس مع فساد مادته حصل منه نتيجة صحيحة.

(٥) هذا مثال ما مادته فاسدة، وأما فساد الصورة فبأن لا تكمل فيه شرائط المقدمتين، مثلا: يشترط في =