شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[بماذا يصير المقلد ملتزما]

صفحة 247 - الجزء 2

  ومُثل له برواية أبي رافع وميمونة: أنه ÷ نكحها وهما حلالان، فيرجح على رواية ابن عباس: أنه نكحها وهو حرام.

  وخالف فيه الكرخي، فقال: لو رجح بالزيادة للزم مثل ذلك في الشهادة.

  قلنا: فرق بينهما، فإن الشهادة أضيق، فليس كلما ترجح به الرواية ترجح به الشهادة، ولذا اعتبر لفظها حتى لو أتى العدد الكثير بلفظ الإخبار لم يقبلوا، وردت شهادة النساء ولو كثرن، وكانت الشهادة مستندة إلى توقيفات تعبدية⁣(⁣١).

  (و) منها: أنه يرجح أحد الخبرين على الآخر (بكونه) أي: الراوي لأحد المتعارضين (أعرف بما يرويه) من راوي الآخر، بأن يكون ذا بصيرة في علم الشريعة والأحكام، فإن العالم إذا سمع ما لا يجوز إجراؤه على ظاهره بحث عنه، ونظر في سببه، فيطلع على ما يزيل الإشكال. أو في علم العربية ليمكنه التحفظ من مواضع الغلط. وأورد عليه أن النحوي يعتمد على لسانه فلا يبالغ في الحفظ.

  وفيه: أن علمه ينبهه على مواضع الغلط فيتحفظ عنها.

  ولا ترجيح لخبر الأعلم بغير ما روى؛ إذ لا تعلق له به، خلافاً لابن أبان.

  (و) منها: أنه يرجح (بثقته) وورعه وفطنته وحسن اعتقاده، فكل من زاد في صفة من هذه الصفات رجح خبره على خبر مقابله، كأهل البيت $.

  وبكونه أشهر في هذه الصفات وإن لم يعلم رجحانه فيها؛ لأن الرجحان سبب الشهرة غالباً.

  وبكونه معتمداً على حفظه للحديث لا على نسخته، وعلى ذكر سماعه لا على خط نفسه؛ لاحتمال الاشتباه في النسخة والخط، دون الحفظ والذكر.


(١) وأيضاً فإن المقصود من الشهادة فصل الخصومات فضبط بنصاب معين، فاعتبار الكثرة فيها يؤدي إلى نقض الغرض وتطويل الخصومات، بخلاف الأمارة فإن المقصود منها الظن بالأحكام، وكل ما كان الظن أقوى كان بالاعتبار أولى من غير ضرورة إلى اعتبار ضبطه. ذكره سعد الدين.