شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[الأدلة الشرعية]

صفحة 59 - الجزء 1

  توقيفاً⁣(⁣١)، مسمىً باسم خاص، يتضمنُ آيات، قرآنا كان أو غيره؛ فيندفع ما قيل: إن معرفة السورة موقوفة على معرفته فيدور. قال في الكشاف: ومن سور الإنجيل سورة الأمثال. ولذا وصفها المصنف بقوله: (منه) أي: من مثله في البلاغة، بحذف مضاف؛ بقرينةِ قوله⁣(⁣٢): {فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ}⁣[الطور ٣٤]، وظهورِ أن ليس المراد بسورة من سوره المعروفة، وإلا لزم أن لا يكون معجزا، أما على تقدير حكايتها فظاهر، وأما على تقدير المعارضة بعينها فلاستحالةِ قيامها من حيث هي كلامه تعالى بغيره، ولزومِ أن يكون كل فعل معجزا لغير فاعله. ولو قال: «ما نزل للإعجاز» لكان أخصر⁣(⁣٣) وأحسن. وهو⁣(⁣٤) أمر من جنس البلاغة - كما يجده أرباب الذوق - في الأصح. وهو إما ذاتي⁣(⁣٥) لحقيقة القرآن، أو لازم بَيِّنٌ لها؛ لأن من تعقل القرآن وعرف حقيقته مع الإعجاز علم لزوم الإعجاز له قطعًا⁣(⁣٦)، بل من تعقله على ما ينبغي علم أنه معجز⁣(⁣٧)، فأقل أحوال الإعجاز أن يكون لازما بينا له: إما بالمعنى الأخص - وهو أن يكون مجرد تعقل الملزوم كافياً في تعقل اللازم - أو بالمعنى الأعم، وهو أن يكون تعقل الملزوم واللازم كافياً في الجزم باللزوم.


(١) أي: إعلاما من الله تعالى، وقوله: «مسمى باسم خاص» لإخراج الآية غير آية الكرسي، فما بعده لإخراجها؛ فيندفع الاعتراض بها.

(٢) يعني أنه إن حمل على حذف المضاف - كما ذكرنا - كان اسماً للمفهوم الكلي الصادق بالمجموع وبأي بعض يفرض، وإن حمل على الظاهر من كون من للتبعيض كما في القسطاس وغيره فيكون القرآن اسماً للمجموع الشخصي المؤلف من السور، وبه يخرج بعض القرآن؛ لأن التحدي وقع بسورة من كل القرآن أيِّ سورة كانت غير مختصة ببعض، ويخرج سائر الكتب المنزلة على الأنبياء إن قلنا: إن إنزالها للإعجاز؛ إذ ليست للإعجاز بسورة منه، وقد جوز الوجهين في جواهر التحقيق. منه.

(٣) «أحسن وأفيد». نخ.

(٤) أي: الإعجاز.

(٥) أي: من تمام ماهية القرآن، كالنطق والحياة للإنسان.

(٦) هذا هو اللزوم البين بالمعنى الأعم.

(٧) هذا هو اللزوم البين بالمعنى الأخص.