شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[أول الأدلة: الكتاب]

صفحة 58 - الجزء 1

  ولا عيب فيهم غير⁣(⁣١) أن سيوفهم ... بهن فلول من قراع الكتائب

  غلب على كتاب الله تعالى من بين الكتب⁣(⁣٢) في عرف أهل الشرع، كما غلب على كتاب سيبويه في عرف أهل العربية.

  و (القرآن) يطلق على الحكاية والمحكي⁣(⁣٣)، وسمي قرآنا إما لجمعه سورا وآيات، من قولهم: قرأت الماء في الحوض، إذا جمعته فيه، وقرأتِ الناقةُ لَبَنَها، إذا جمعته. وإما من القرى؛ لأنه مائدة الله تعالى التي يدعو إليها عباده.

  ومن أسمائه الفرقان؛ لأنه فَرَقَ بين الحق والباطل، والحلال والحرام، وأحكام الشريعة، وبين ثبوت نبوءة محمد ÷ ونبوءة غيره من الأنبئاء $. ومنها: الذكر، والنور، والروح، والهدى، والبرهان⁣(⁣٤).

  وحقيقته: هو الكلام⁣(⁣٥) (المنزل على نبيئنا محمد ÷ للإعجاز) أي: لإرادة ظهور عجز الأمة عن الإتيان بمثله، أو الحكم به، فيؤمنوا به فتخبت⁣(⁣٦) له قلوبهم. فخرج الكلام الذي لم ينزل، كالمكتوب في اللوح المحفوظ على القول بأنه حقيقة، وما نزل على غير نبيئنا محمد ÷، وما نزل لا للإعجاز مطلقا.

  (بسورة) أي: بقدرها. وفائدته دفع إيهام العبارة بدونه أن الإعجاز بكل القرآن فقط. والمراد بالسورة: بعضٌ من الكلام المنزل، مترجمٌ أوله وآخره


(١) «غير» هذه استثناء مدح بما يشبه الذم.

(٢) «سائر الكتب». نخ.

(٣) قال الإمام أحمد بن سليمان # في الحقائق: اعلم أن النطق بالكلام على وجهين: حكاية ومبتدأ؛ فالمبتدأ: ما ينطق به الإنسان ويبتدعه من نفسه من الكلام. والحكاية: هو ما ينطق به من كلام غيره، ومن ذلك القرآن ففعله فيه الحكاية إذا تلاه، والمحكي هو فعل الله.

(٤) ووحي، وتنزيل.

(٥) أشار إلى أن في عبارة المصنف تسامحاً حيث ذكر المحدود في الحد كما في أصول الحنفية، وبتقرير الشرح يندفع ذلك، والله أعلم. منه وصلى الله على محمد وآله وسلم.

(٦) أي: تخشع.