شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[أول الأدلة: الكتاب]

صفحة 66 - الجزء 1

  كدلالة {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ}⁣[الإسراء ٢٣] على تحريم الضرب.

  ومنه⁣(⁣١) - في الأظهر - ما قرينته ضروريةٌ مستندة إلى العقل بلا واسطة، نحو {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا}⁣[الأحقاف ٢٥]، أو جليةٌ⁣(⁣٢)، نحو {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ}⁣[يوسف ٨٢].

  (والمتشابه) لغة: ما يشبه بعضه بعضا، وبهذا المعنى يكون القرآن كله متشابها؛ لأنه يشبه بعضه بعضا في البلاغة والإتقان، وفي تصديق بعضه بعضا، قال تعالى: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا}⁣[الزمر ٢٣]، وعليه يحمل القول بأنه متشابه كله.

  واصطلاحا: (مقابله) - أي: المحكم - فهو ما خفي معناه؛ وذلك لأنه تعالى أوقع المتشابه مقابلا للمحكم، فيجب أن يفسر بما يقابله، كالآيات التي يخالفُ ظاهرها مقتضى العقل ويطابقُ القول بالجبر والتشبيه، نحو: قوله تعالى: {أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا}⁣[الإسراء ١٦] {وَمَكَرَ اللَّهُ}⁣[آل عمران ٥٤] {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ}⁣[البقرة ١٥].

  ويعلم تأويلَه الراسخُ الثابتُ العقيدة؛ لظهور واو الآية في العطف، ولا يلزم منه أن يقول تعالى: {آمَنَّا بِهِ}⁣[آل عمران ٧]؛ لقرينةِ العقل، وعدمِ لزوم اشتراك المتعاطفين في جميع الأحكام، كما في {وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً}⁣[الأنبياء: ٧٢] فنافلة حال من «يعقوب» فقط، فتأمل.


(١) أي: من المحكم.

(٢) الجلية: هي المستندة إلى العقل بواسطة.