[أول الأدلة: الكتاب]
[الحكمة في إنزال المتشابه]
  وفائدة(١) ورود المتشابه في الكتاب العزيز:
  [١] - الحث على النظر وترك التقليد؛ إذ لو ورد كله محكما لما احتاج إلى كلفة.
  [٢] - وزيادة الثواب بمشقته(٢)، إذ هو على قدرها، مع اعتبار الموقع.
  [٣] - وزيادة الحيطة والضبط، فإن الحاصل بعد الطلب أعز من المنساق بلا تعب.
  [٤] - وإرادة إصغاء الكفار إلى سماعه حتى يحصل لهم البيان، وتلزمهم الحجة لله تعالى؛ لأنهم لما سمعوا المحكم أعرضوا عن سماعه، كما حكى الله تعالى عنهم بقوله: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ}[فصلت ٢٦] فأنزل الله تعالى المتشابه فأصغوا إلى سماعه طلبا للطعن فيه، فلم يجدوا؛ فلزمتهم الحجة عند ذلك.
[شروط الاستدلال بالكتاب]
  واعلم أن للاستدلال بالكتاب العزيز في الجملة شروطا(٣):
  أحدها: أن يعلم المستدل أن الخطاب به لا يقع على وجه يقبح، كالإخبار بالكذب، والأمر بالقبيح، والنهي عن الحسن؛ لأن تجويز ذلك يسد باب الثقة بخطابه.
  (و) ثانيها: أن يعلم أنه (ليس في القرآن ما لا معنى له)؛ بل كل لفظ من
(١) إشارة إلى جواب سؤال أورده الملحدة والمجبرة، وهو أن قالوا: كتاب الله عندكم مشتمل على المحكم والمتشابه، فلو كان صانع العالم عدلا لما أورد فيه المتشابه؛ لأنه كالتعمية على العباد، ثم افترقوا، فقالت الملحدة: ليس إلا أنه لا صانع للعالم، وقالت المجبرة ليس إلا أنه يصدر منه القبيح، ولا يقبح منه! والجواب على الفرقتين: أن الدلالة قد قامت على ثبوته تعالى، وعلى أنه عدل حكيم؛ فقطعنا بأنه لا يصدر ذلك إلا لمصلحة علمها تعالى، وأيضا فإن في إيراده زيادة الحث ... إلخ ذكر معناه الشيخ لطف الله ¦ عن [في. نخ] حواشي الفصول. منه.
(٢) أي: بمشقة النظر.
(٣) أما شروطها التفصيلية فقد تقدم إشارة إلى شيء منها، وستأتي بقيتها في محالها إن شاء الله تعالى.