شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[الدليل الثاني: السنة]

صفحة 71 - الجزء 1

  وقد جمع أبو عبيد⁣(⁣١) القاسم بن سلام بين القولين، فقال: الصواب عندي مذهب فيه تصديق القولين جميعا؛ وذلك أن هذه الأحرف أصولها عجمية كما قال الفقهاء، لكنها وقعت للعرب فعربتها بألسنتها، وحولتها عن ألفاظ العجم إلى ألفاظها؛ فصارت عربية، ثم نزل القرآن وقد اختلطت هذه الحروف بكلام العرب، فمن قال: إنها عربية فهو صادق، ومن قال: إنها عجمية فهو صادق. وكلامه حسن.

  نعم، أما الأعلام فإنها بحسب وضعها العلمي لا تنسب إلى لغة دون لغة، ومنع صرفها⁣(⁣٢) لموافقتها العجمية؛ فليست من المعرب؛ لأنه كلام العجم الذي⁣(⁣٣) استعملته العرب بتغيير أو غيره⁣(⁣٤). وبهذا يظهر الفرق بين العجمية والتعريب⁣(⁣٥).

[الدليل الثاني: السنة]

  (فصلٌ: والدليل الثاني من الأدلة الشرعية: السنة) هي لغة: الطريقة والعادة⁣(⁣٦)، سواء كانت حميدة أو لا، قال تعالى: {قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ}⁣[آل عمران ١٣٧]، وقال الهذلي:

  فلا تجزعن من سنة أنت سرتها ... فأول راضٍ سنةً مَنْ يَسِيْرُها


(١) هو القاسم بن سلام أبو عبيد البغدادي أحد أئمة الفقه واللغة وصاحب تصانيف شهيرة، أخذ عن الشافعي والكسائي، توفي بمكة سنة ٢٢٤ هـ. طبقات الشافعية.

(٢) جواب سؤال مقدر، وهو أن يقال: فإنها ممنوعة للعجمة، فأجاب: بأن منع الصرف ... إلخ. وأيضاً فإن علماء العربية وإن أجمعوا على أن منع نحو: إبراهيم للعجمة والتعريف، وإجماع أهل كل فن حجة فيما أجمعوا عليه - فإنما حكموا بالعجمة لموافقته العجمية. ذكره في حاشية الفصول نقلا عن صاحب الغايات، والحاكم في تفسير {طُوبَى لَهُمْ}.

(٣) «إذا». نخ.

(٤) ولا يخفى الفرق بين تجديد الوضع والاستعمال.

(٥) فالعجمية: ما لا يجوز تغييرها، والتعريب أعم.

(٦) في نسخة - بعد قوله «والعادة» -: «إذ سنة كل أحد ما عهدت منه المحافظة عليه والإكثار منه سواء كان حميداً أو لا».