شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[الدليل الثاني: السنة]

صفحة 81 - الجزء 1

  فاستبشاره بها لموافقتها الحق مع إلزام الخصم بما يعتقده⁣(⁣١)، لا لحقيتها، وإلا لم يسكت منها مع الحاجة إليها.

  نعم، القيافة: الاهتداء إلى الشيء، يقال: قاف الأثر قيافة، إذا اهتدى له. والقافة: جمع القائف، وهو من يعرف الآثار، وجعلُها مصدرا كالقيافة غلطٌ مشهور. ومُجَزِّز - بضم الميم⁣(⁣٢)، وفتح الجيم، وتشديد الزاي الأُوْلى.

  قال في شمس العلوم: إنما سمي مجززاً لأنه كان يجز ناصية الأسير ويطلقه، ولم يكن عَلَمًا، والله أعلم.

[التعارض]

  واعلم أن التعارض بين الشيئين هو تقابلهما على وجه يمنع كل منهما مقتضى صاحبه من جميع الوجوه أو بعضها. (ولا تعارض في أفعاله) ÷ أصلاً؛ لأنه: إما أن تتناقض أحكامهما أوْ لا.

  إن لم تتناقض - كأن يكونا متماثلين، كصلاة الظهر في وقتين، أو مختلفين يتصور اجتماعهما في وقت كالصوم والصلاة، أوْ لا يتصور كصلاة الظهر والعصر - فلا خفاء في عدم التعارض؛ لإمكان الجمع بين أحكامهما.

  وإن تناقضت كصوم يوم معين وأكل في آخر مثله فلا تعارض أيضا؛ لجواز أن يكون الفعل واجبا في وقت وجائزا في آخر، مع أنه لا يكون رافعا ولا مبطلا حكم الآخر؛ إذ لا عموم للفعلين ولا لأحدهما.

  وإنما يتصور التعارض بين القولين، أو بين قول وفعل، ولذا قال:

  (ومتى تعارض قولان) وتعارضهما ظاهر (أو قول وفعل) علم وجهه، وقام الدليل على تكرره، بأن ينقل إلينا أنه ÷ نهى عن استقبال القبلة


(١) لأن القيافة عند العرب حق، ورجوعهم إلى أقوال القافة معلوم لا ينكر.

(٢) كذا نقله السيد صلاح في شرح الفصول عن شرح المشارق وجامع الأصول وابن ماكولا وغيرهم، قال: وذكر الدار قطني وعبد الغني عن ابن جريح أنه بالحاء المهملة ساكنة ثم راءٌ مكسورة.