شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[الدليل الثاني: السنة]

صفحة 86 - الجزء 1

  (و) أما اشتراط الإسلام، والعدالة، والمعصوم، وأهل الذلة⁣(⁣١)، واختلاف النسب والدين والوطن، والذكورة، وألا يحويهم بلد - فلا وجه له؛ لأنا قد نطناه⁣(⁣٢) بحصول العلم، وهو (يحصل بخبر) من ليس كذلك من (الفساق، والكفار) والصبيان، والنساء، ونحوهم.

[التواتر المعنوي]

  واعلم أن المتواتر قد يتواتر لفظا ومعنى، كنصوص السنة المتواترة⁣(⁣٣)، (وقد يتواتر المعنى دون اللفظ) بأن يبلغ المخبرون حدَّ التواتر، ولكن اختلفت أخبارهم بالوقائع التي أخبروا بها، مع اشتراك جميع أخبارهم في معنى مشترك بين مخبراتهم، كحديث الغدير والمنزلة والمحبة في أمير المؤمنين #، فإن مَن تتبع كتب السنة النبوية، وأطلق نفسه عن وثاق العصبية - علم تواترها، ولو كان ذلك المشترك خارجاً لازماً لكل واقعة فإنه يفيد تواتر القدر المشترك ضرورة؛ لاتحاد أخبارهم فيه (كما في شجاعة علي #) فإن الأخبار بوقعاته في حروبه من أنه فَعَلَ في بدر كذا، وقتل يوم أحد كذا، وهزم يوم حنين كذا ونحو ذلك - تدل بالالتزام على شجاعته #؛ وذلك لأن الشجاعة من الملكات النفسانية، فيمتنع أن تكون نفس الهزم⁣(⁣٤) أو جزأه، وإنما هي لازمة لجزئيات الهزم والقتل في الوقائع الكثيرة، فيكون دلالة نحو الهزم في الوقائع الكثيرة على الشجاعة بطريق الالتزام.

  (و) كما في (جود حاتم) الطائي، فإن ما يحكى من إعطائه نحو الخيل والإبل والشاء


(١) لأن أهل التواتر إذا لم يشتملوا على أهل الذلة لم يؤمن تواطؤهم على الكذب، بخلاف ما إذا اشتملوا عليهم فإن خوف مؤاخذتهم بالكذب تمنعهم منه.

(٢) أي: علَّقناه.

(٣) وذلك مثل حديث عمار، وهو قوله ÷: «تقتلك الفئة الباغية ..» إلخ فإنه متواتر لفظاً ومعنى.

(٤) المحسوس.