[الدليل الثاني: السنة]
  النواحي) النازحة عنه ÷ (لتبليغ الأحكام) الشرعية، ليعمل الناس على أخبارهم، فإنه كان يبعثهم لقبض الزكاة ونحوها، وتعريف سائر الأحكام، كبعثه ÷ معاذاً إلى اليمن، وغيره من عماله، وذلك ظاهر من صنيعه ÷.
  (ولعمل الصحابة) به في الوقائع المختلفة التي لا تكاد تحصى، وتكرر ذلك منهم وشاع وذاع بينهم، ولم ينكر عليهم أحد؛ إذ لم ينقل، وذلك يوجب العلم باتفاقهم، كالقول الصريح.
  فمن ذلك: ما اشتهر عن أمير المؤمنين # أنه كان يعمل على أخبار الآحاد ويحتاط فيها؛ لأنه روي عنه أنه قال: (كنت إذا سمعت حديثاً من رسول الله ÷ نفعني الله به ما شاء منه(١) ، فإذا سمعته من غيره استحلفته، وحدثني أبو بكر وصدق). قيل: إن الخبر الذي رواه هو قوله ÷: «من أذنب ذنباً فذكره فأفزعه ثم عمد إلى بيت من بيوت الله فتوضأ وصلى ركعتين واستغفر الله تعالى - غفر الله له» أو كما قال.
  فدل على أنه كان يعمل على أخبار الآحاد، وإنما كان يحتاط في ذلك بأن يستحلف بعضهم، فإذا كان الراوي ممن لا يحتاج إلى الاحتياط عليه أخذ بخبره من دون يمين.
  ومنه: عمل أبي بكر بالخبر الآحادي في ميراث الجدة، وكان يرى حرمانها، حتى روى المغيرة بن شعبة ومحمد بن مسلمة أن النبيء ÷ أعطاها السدس. وخبر الاثنين آحادي.
  وعمل عمر بخبر عبدالرحمن بن عوف لما اشتبه عليه حكم المجوس، وقال: ما أدري كيف أصنع بهم، وأَنشد الله امرأً سمع من النبيء ÷ قولاً أن يذكر ذلك، فلما روى عبدالرحمن بن عوف: «سنوا بهم سنة أهل الكتاب» أخذ
(١) أي: من النفع.