[الأدلة الشرعية]
  وروي العمل بأخبار الآحاد عن سائر الصحابة، كعثمان وابن عباس، وعُلِم(١) من سياقها أن العمل بها لا بغيرها؛ لظهورها وإفادتها الظن، كظاهر الكتاب(٢) والمتواتر(٣). والنهيُ عن اتباع الظن ظاهرٌ قابل لتأويلِ العلم بما يعم الظن(٤)، وتأويلِ الظن بالشك والوهم. والمدعى(٥) أصل لا يمنعه إلا قاطع.
  فإن قيل: ما ذكرتموه معارض بأن عليًّا # رد خبر ابن سنان(٦) الأشجعي في قضية(٧) بَرْوَع(٨) بنت واشق.
  وعمر رد خبر فاطمة بنت قيس في أن النبيء ÷ لم يجعل لها سكنى ولا نفقة. ورد أبو بكر وعمر خبر عثمان حين أخبر كلًّا منهما في خلافته أن النبيء ÷ أذن له في رد الحكم(٩) إلى المدينة. ورد عمر حديث أبي موسى الأشعري في الاستئذان، وذلك أنه وصل إلى باب عمر، فقال: السلام عليكم آدخل؟ ثم سكت ساعة وقال: السلام عليكم آدخل؟ ثم سكت ساعة، ثم قال مثل ذلك، فلم يجبه أحد، ثم انصرف وقال: هكذا السنة، وعمر يسمعه، فقال عمر للبواب: ما صنع؟ فقال: رجع وقال كذا.
(١) جواب عن اعتراض مقدر، تقديره: لا نسلم أن العمل في هذه الوقائع كان بهذه الأخبار؛ لجواز أن يكون بغيرها، ولا يلزم من موافقة العمل للخبر أن يكون الخبر هو السبب؛ فأجاب بقوله: وعلم ... إلخ.
(٢) فإنهم عملوا به لظهوره وإفادته الظن.
(٣) أي: وظاهر المتواتر.
(٤) والقطع.
(٥) وهو كون أخبار الآحاد حجة.
(٦) «أبي سنان». نخ.
(٧) المراد بالقضية ما رواه أبو داود عن مسروق عن ابن مسعود ¥ في رجل تزوج امرأة وتوفي عنها ولم يدخل بها ولم يفرض لها صداقاً، فقال ابن مسعود: لها الصداق كاملاً، وعليها العدة، ولها الميراث، فقال معقل بن سنان: سمعت رسول الله ÷ قضى بها في بروع بنت واشق، وكان ابن مسعود متردداً هل وافق الحق أم لا. تمت شرح أثمار ولله جزيل الحمد وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله.
(٨) كـ «جدول».
(٩) الذي طرده رسول الله ÷ ثم رده عثمان وجعله من خواصه.