[مزيد من الأدلة على الحركة والسكون]
  ودليل آخر: أن حركة الحيوانات الأوائل المتقدمة التي زعمت أنها غير متناهية، لا تخلو من أن تكون الآن كلها موجودة [أو هي الآن بعد حدوثها معدومة](١)، فوجود ما مضى من حركات الأولين محال، لأنهم إنما(٢) تحركوا قبل موتهم في قيامهم وقعودهم، وإقبالهم وإدبارهم، وتنقلهم وسيرهم، والقيام والقعود فغير موجودين، بل يكونان عند جميع الخلائق معدومين، وإذا صح عدم جميع الحركات، التي ذكرنا تولدها من أجسام الحيوانات، فقد صح تناهي أجسامهم، لأن أجسامهم لم تنفك من حركاتهم، وللحركات نهاية وغاية لأن الحركة على حالين وجدت فيه كلها بعد العدم وحال عَدِمَ فيه جميعاً فانتفى عنها العدم.
  ودليل آخر: أن جميع الحيوانات لم تنفك أصولها من الحياة، ثم قد وقع الموت على جميعها، فهي [على](٣) حالين محدثين، بين حال أحييت فيه بعد موتها فحييت كلها، وحال أميتت فيه فماتت جميعها، وإذ لم تنفك من الحالين المحدثين فهي محدثة مثلهما، إذ لم توجد ولم تكن قبلهما، وسبيلها في الحدث سبيلهما، إذ تضمنا أصول الحيوانات فلم تخرج منهما، فكيف لا تتناهى الأصول وقد حوت الحياة جميعها، ثم تضمنها الموت بعد حياتها.
(١) ما بين المعكوفين مثبت من (ب) لاستقامتها مع سياق الكلام، أما في (أ) فقد وردت هكذا: (أو هي الآن معدوم وبها). والصحيح هو ما أثبتناه.
(٢) إنما ساقطة من (ب).
(٣) ما بين المعكوفين مثبت من النسخة (ب). وأما النسخة (أ) ففيها (في).