مجموع كتب ورسائل الإمام المهدي الحسين بن القاسم العياني،

الحسين بن القاسم العياني (المتوفى: 404 هـ)

كتاب الرحمة وابتداء الله لعباده بالنعمة وما يجب عليهم من شكره

صفحة 387 - الجزء 1

كتاب الرحمة وابتداء الله لعباده بالنعمة وما يجب عليهم من شكره

  

  الحمد لله على ما أنعم به علينا وأسداه من الجميل إلينا، فكم من نعمة علينا لا نحصيها، وأياد منه لا نجزيها، فأوجدنا برحمته بعد عدمنا، لينفعنا بإيجاده لنا لغير حاجة منه إلى إيجادنا ولا فاقة إلى عبادتنا، ولا لصلاح عمل تقدم منا، بل تفضل علينا برحمته، وامتن علينا بإظهار حكمته، وجاد علينا بفواضل نعمته، فأي نعم ما أسبغها وأي حكمة ما أبلغها، فالحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا، وكثرنا بعد قلتنا، وقوانا بعد ضعفنا، وأنمانا بعد صغرنا، وعلمنا بعد جهلنا، وبصرنا بعد غفلتنا، ودلنا على رحمته ورأفته بما لا نحصي عدداً من نعمته، ولولا أنه أرحم بنا من أمهاتنا وآبائنا لما جبلهم على محبتنا، ولما فطرهم على رحمتنا، ولما اضطرهم على كفالتنا، فهل يقول أحد يعقل من الناس كلهم أن العباد خلقوا رحمة أولادهم وسلالة أنفسهم وأكبادهم، هيهات هيهات، كيف لهم بذلك وأنّى لهم أن يكونوا في القدرة كذلك!

  ثم اعلموا رحمكم الله وهداكم، ونجانا من العماية ونجاكم، ووفقنا لطاعته وإياكم، أن شكر المنعم واجب على بريته، ولا يصح الشكر إلا بعد معرفته،