[الدليل على حدوث الهواء]
  الخالق للظلمات والنور، والظل والحرور، الحكيم المدبر، العليم المقدر.
  عجزت عن دركه الأبصار، وضلت عنه الظنون والأفكار، ولم تحوه الأقطار، ولم يحط به الليل والنهار، ولا تعتقده القلوب والأضمار، ولم تخف عليه الأسرار، ولم يحتجب عن الأبصار بحجاب، ولا ببعد ولا اقتراب، ولا أنوار ولا ظلمات، ولا أرضين ولا سماوات.
  وسنعود إلى ذكر هاتين الفرقتين المشركتين بالله المشبهتين.
[الدليل على حدوث الهواء]
  فإن سأل منهم سائل فقال: ما الدليل على حدث الهواء؟
  قيل له ولا قوة إلا بالله: الدليل على حدثه أنّا وجدناه جسماً مجتمعاً ولا بُدّ لكلّ مجموع من جامع، ومفتطر صانع.
  ودليل آخر: أنّا وجدناه جسماً ضعيفاً، ثم وجدنا هذه الأجسام الثقال مثبتة فيه فعلمنا أن الضعيف عن حمل حبة الخردل أعجز عن حمل غيرها من السماوات والأرضين، والخلق أجمعين، ولا بد له من مضعّف أضعفه، وأدق خلقه وألطفه، وإلا فما الذي جعله ضعيفاً دون أن يكون قوياً، وما الذي جعله مواتاً دون أن يكون حياً، وما الذي جعله ساكناً دون أن يكون متحركاً مستمراً، وما الذي خالف بين حركاته وسكونه وخالف بين أعراضه وعينه والقديم فيجب أن يكون مؤتلفاً ويستحيل أن يكون مختلفاً وإلا فما الذي خالف بين صفاته، وفرق أحواله إلى ذاته.