[دلالات الحكمة ومعانيها]
[دلالات الحكمة ومعانيها]
  وإن رجع إلى مكابرته، وتردد في شكه وضلالته، فقال: ليس في ذلك حكمة!
  قيل له ولا قوة إلا بالله: هل تعرف الحكمة أم لا؟
  فإن قال: إنه لا يعرفها أصلاً، وادعى في معرفتها جهلاً، كان لما ذكرنا من الجهل أهلاً.
  وإن قال: إنه يعرف الحكمة.
  قيل له: ما الحكمة في ذاتها؟ وما حقيقة صفاتها؟
  فإن كان جاهلاً [بها](١) بطل ما ادعى من معرفتها، وإن كان عالماً أجاب، وقصد إلى الحق والصواب، فقال: الحكمة ما أتقن من الأمور، وبعد من الفساد والشرور.
  فإذا قال ذلك، قيل له: ويحك ما أجهلك! وأعظم كفرك وأغفلك! تقول: إن الحكمة ما حَسُنَ من الأفعال، وبعد من الجهل والضلال، ثم تزعم أن ليس فيما ذكرنا حكمة من أعاجيب الصنع الجليل، وما بيَّن الله من الدليل، وأقام على ذلك من شواهد العقول، لأن الحكمة لا تهيأ إلا بالحلم، ولا تتم إلا بالعلم من ذي الجلال والإكرام.
  ودليل آخر: لا يخلو صانع هذه الحكمة من أن يكون حياً قديماً وإما أن يكون حيواناً، وإما أن يكون مواتاً، فإن كان حيواناً فهو كسائر الحيوانات
(١) ما بين المعكوفين ساقط في (ب).