مجموع كتب ورسائل الإمام المهدي الحسين بن القاسم العياني،

الحسين بن القاسم العياني (المتوفى: 404 هـ)

[الابتلاء بالأمراض]

صفحة 348 - الجزء 1

  مستلب العقل معموراً بطباع الغفلة والجهل فسبيله سبيل البهائم، والأطفال في رحمة الله الواحد المفضال، ذي اللطف والجود والجلال، وإن كان هذا الذي عنه سألت ومعصيته وتفريطه ذكرت من أهل الدهاء والفطنة والعقول، ثم اعرض عن طاعة الله الواحد الجليل، ومات بعد بلوغه بساعة فهو من أهل النار الظلمة الكفرة الأشرار، الأنجاس الأرجاس العثار، الذين لعنهم الله وأخزاهم وأصمهم بكفرهم فأعماهم.

[الابتلاء بالأمراض]

  ألا ترى أن الله سبحانه أدب عباده في ذات أنفسهم بالأمراض وخوفهم بالمصائب والأعراض، وأراهم في غيرهم ما فيه عبرة لمن اعتبر، وتذكرة لمن تذكر، وزجر بذلك من أراد أن يزدجر من الموت والأسقام والمصائب، والآلام، فكم من هول مهيل أراهم لو عقلوا وانتبهوا من وسنتهم، ولم يغفلوا، وكم شاهدوا في حال صغرهم وقبل بلوغهم وكبرهم من سقم وجيع وغم فظيع، وأجل مقطوع، وموت سريع، وقتل صريع، وكم رأوا من والد أثكلته الدنيا ولده، ويتيم نزعت عنه والده، ففي أقل من هذا كفاية لمن اكتفي، وشفاء لمن اشتفى، فمن لم يكتف بذلك فلا كفى، ومن لم يشتف بمواعظ الله فلا شفى، وليس من حكيم هدى الله قلبه وأثبت بنور الهدى لبه يبلغ أقل من العشر السنين إلا وقد حكمه الزمان، وملأت قلبه الأحزان، وزهد في حطام الدنيا ولذاتها، ومقت الركون إلى حلاوتها، لما شاهد من نكباتها وفجائعها، وتجرد من مكرها وخدائعها، ولا يركن أبداً إلى الدنيا إلا ضال بليد او شيطان مريد، ولا يميل إليها رشيد، ولا يغتر بها إلا مغرور، إذ ليس لعاقل فيها سرور.