مجموع كتب ورسائل الإمام المهدي الحسين بن القاسم العياني،

الحسين بن القاسم العياني (المتوفى: 404 هـ)

[الفناء وأنواعه]

صفحة 356 - الجزء 1

  غاية التمام إلا ما ركب الله فيها من الأفهام، وذلك بحمد الله يسير على ذي الجلال والإكرام، إن الله أجهلها وبناها على قلة الفهم واغفلها رحمة منه لعباده وإصلاحاً لما ذرأ من الخلق في بلاده، ولو كان لها عقول في الدنيا لامتنعت ولأثبيت على أفعالها لو عوقبت، ولكن الله سبحانه اختار لها كما اختار للأطفال، ولابد لها في الآخرة من الكمال، لأن الدنيا دار المحنة والبلوى، وليست بدار الآخرة والنعماء؛ لأن بنية الأجسام في الآخرة على ما لا يوصف ولا تناله الأوهام، ولا تعرف من كمال الخلق وتمامه وحسن تقديره وقوامه.

[الفناء وأنواعه]

  وسألت عن الفناء هل هو في نفسه، والفناء يخرج على وجهين: فناء الغيبوبة وفناء البطلان، وسأبينهما لك إن شاء الله تعالى بأوضح البيان.

  فأما فناء البطلان فهو فناء الأعراض من ذلك زوال العافية والأمراض، ومن ذلك بطلان السكون والحركات اللذين هما حقيقة الساعات.

  واما فناء الغيبوبية فهو عرض حادث في الجسم عند افتراقه وعند تفصله واحتراقه، ألا ترى أنك لو ألقيت قطرة من دم في البحر لتفرقت ولما شوهدت بعد سقوطها ولا وجدت وهي موجودة في البحر ما برحت غير أنها غابت وافترقت، وأما فناء العرض فليس بمعنى.

  فإن سأل فقال: أليس قد أراد الله فناء العرض الفاني وقصده كما أراد العرض وأوجده؟

  فالجواب في ذلك: أن هذه المسألة من المحال تدق على العلماء والجهال، لأن