مجموع كتب ورسائل الإمام المهدي الحسين بن القاسم العياني،

الحسين بن القاسم العياني (المتوفى: 404 هـ)

[متى تجوز المباينة؟]

صفحة 509 - الجزء 1

  

  الحمد لله رب العالمين، وصلواته على خاتم الأنبياء، وعلى آله الطاهرين.

  سألت يا أخي - تولى الله حفظك - عما أوجب الله على عباده من الولاية لأوليائه، والعداوة والمباينة لأعدائه؟

  والجواب في ذلك: أن الله ø بيَّن للعباد ما يأتون وما يذرون، وافترض عليهم قبول ما به يُؤمرون، فكان مما أمرهم به، وأوجب عليهم من أصول دينه، عداوة أعدائه الأشرار، ومحبة أحبائه الأخيار، فقال عز من قائل: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}⁣[الحجرات: ١٠]. فوجبت موالاتهم، وقال: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا}⁣[هود: ١١٣]، فوجبت عداوتهم، إذ ليس من حكمة الحكيم أن يساوي بين المحسنين والمسيئين، وذلك قوله: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ ٣٥ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ٣٦}⁣[القلم: ٣٥ - ٣٦].

  ثم اعلم - أكرمك الله بهدايته، وأتم عليك ما أولاك من نعمته - أن الهجرة واجبة على جميع المكلفين، لا يعذر الله في تركها أحداً من المخلوقين، ولها وجوه وأبواب وسنذكرها، ونشرحها بعون الله ونفسرها.

[متى تجوز المباينة؟]

  ولايجوز لأحد أن يهجر ويباين قبل الدعاء إلى الرحمن، ولا تكون الهجرة إلا بعد البيان، والتلطف والبر والإحسان، وقد روي عن النبي ~ أنه كان يقرب الناس ويدنيهم إليه، ويلطف بهم ويفرش ثوبه لهم،