مجموع كتب ورسائل الإمام المهدي الحسين بن القاسم العياني،

الحسين بن القاسم العياني (المتوفى: 404 هـ)

[علامات الحكيم]

صفحة 363 - الجزء 1

  الانتقال ولا يتعلق بها اللبث والزوال؛ لأن حر النار والشمس عرض لا تصل إلا بأجسام وإن لم يرها أحد من الأنام، وكذلك الرائحة عرض لا ينتقل إلا في محله ولا ينفرد أبداً بنفسه، وهذا قول معقول ومصدق عند العلماء مقبول.

  وأنا أقول: لو أن إماماً من آل محمد ~ وعلى آله وسلم دعا إلى كتاب الله وسنة نبيه وهو لا يعرف عرضاً ولا يشرح لأحد طولاً ولا عرضاً لما نقصه ذلك، وإنما يكفي الإمام أن يكون عالماً بالكتاب والسنة، معتزلاً للمحارم، ولا يلزم الإمام ولا يجب عليه أن يطالب ولا يسأل عن مثل ما أتينا به من المعقول، ولا يتوهم ذلك أحد من ذوي العقول، ولقد ألفيت كثيراً من الجهال قد غلطوا على أنفسهم وغلوا في أديانهم، جهلاً بحكمة الله وإرادته.

[علامات الحكيم]

  واعلم أن أمور الحكيم لا تكون إلا على أيسر الميسور وأبعده من التعنت والمعسور، والله لا يكلف نفساً إلا وسعها والوسع مشتق من السعة وما كان متسعاً فقد بعد من الحرج والضيق، وأن الحكم المحسن لا يريد إظهار الشناعة المستقبحة، ولا يشاء من عباده غير الطريق السمحة، والاجتهاد في طلب العلم أقرب إلى الحكيم الرحمن الرحيم، من الصيام والصلاة والحج والزكاة؛ لأن من يتقرب إلى الله بإتعاب نفسه وهو أعمى القلب عن معرفة خالقه لا يتقبل الله منه عمله، ولا يزكي فعله، والجهل أعظم المهالك لمن ركن إليه وأقام فيه، وعليه ولن يدفع شُبه المحال وطرق الضلال إلا بالخبرة والأدلة