مجموع كتب ورسائل الإمام المهدي الحسين بن القاسم العياني،

الحسين بن القاسم العياني (المتوفى: 404 هـ)

[باب معنى التوكل]

صفحة 317 - الجزء 1

  على رحمة خالقه، وحكمة مصوره ورازقه، إذ جعل كل عضو منه لسبب من الأسباب، ومصلحة تدل على الله رب الأرباب.

  وكذلك إذا كان على كرسيه وعرشه، وسكن عليه بعد حركاته وبطشه، فعرشه إذاً أكبر منه وأقوى، وأشد وأمكن في الأجواء وأقوى لأن عرشه يمسكه من السقوط، والهواء يسلمه إلى الذل والهبوط، فهو على حالين مختلفين، متغايرين غير مؤتلفين، أحدهما عرشه الذي هو أقوى منه على الحلول، لفضل قوة الحامل على المحمول، وهذه صفات العبد الذليل، ومعبودهم [دون] الواحد الجليل، فيا لها عقولاً أعميت عن الحق واليقين، واستعملت في الضلال الضيق المبين، فنعوذ بالله من الحيرة في الدين، واتباع مردة الشياطين، ونبرأ إلى الله من الجهل في التقليد، وتشبيه الواحد المجيد بالأجسام ذوات الحدود وصفات عجزة العبيد.

[باب معنى التوكل]

  مسألة فإن قال: ما التوكل؟

  قيل له ولا قوة إلا بالله: حقيقة التوكل اليقين بالله الجليل، ولا يصح اليقين إلا بعد ثبات الدليل، فإذا عرف العبد خالقه وعرف عدله، ورضيَ عنه وسلم له، [فهو]⁣(⁣١) المتوكل على الله المستوجب لثوابه، الناجي من سخطه وعقابه، فمن أراد ان يظفر بمعرفة الله وتوحيده، ويقر عينه بالله وتمجيده، فليمتحن قلبه بكلامنا، وليصبر نفسه على قولنا، ثم لا يكابر عقل، ولا يحكم على يقينه بجهله، ويحسن بالله ظنه في كل أفعاله، ولا يتهمه في شيء


(١) لفظة لم تتضح، وما أثبت بين المعكوفين من لدينا.