مجموع كتب ورسائل الإمام المهدي الحسين بن القاسم العياني،

الحسين بن القاسم العياني (المتوفى: 404 هـ)

[دوامية التكليف]

صفحة 127 - الجزء 1

  والدليل على أصول هذه البهائم ونسلها، كالدليل على هذه الفروع وأصلها⁣(⁣١) - فلعمري - لو لم يكن لنا من النظر إلا ما في جوارحنا لكان في ذلك دلالة على الله سيدنا، ولكنا علمنا أن الفحص عن أصل هذا الخطب الجليل أولى بالحكمة عند أهل العقل ولترك النظر هلك الملحدون، الفسقة الكفرة الجاحدون، الصم البكم المتلددون، الجهلة الفجرة المتمردون، ولترك الأدلة لم يعرفوه، وبعداوتهم جهلوه، فهم كالبهائم التي لا تعرف إلا ما جاهرت، ولا تميز إلا ما حاضرت، ولا تدرك إلا ما شاهدت ونظرت، فزادهم الله نأياً وبعداً، ولا وفقهم لخيرٍ أبداً.

[دوامية التكليف]

  وسألت - أكرمك الله - عن دوام التكليف بعد الرسول، وذكرت أن يكون الجواب من المعقول.

  والدليل على دوام ذلك: أن الحكيم لا يهمل خلقه من الأمر بالخيرات والنهي عن المنكرات؛ لأنه إن تركهم على الضلالة، ولم يهدهم ولم يأمرهم ولم ينههم، فقد اختار لهم الضلالة على الهدى، ورغبهم في الغواية والردى، ومن اختار الضلالة فغير حكيم، ومن رضي للعباد بالجهل فليس برحيم، فمن هاهنا صح دوام التعبد لجميع العباد؛ إذ الإهمال يدعو إلى الفساد.

  ودليل آخر: أن الحكيم إذا أظهر حكمته لم ينسخها، ولم يبدلها إلا بخير منها أو مثلها، ولم ير بعد القرآن بدله، ولم ير خير منه ولا مثله.


(١) في (ب): وصولها.