[الحكمة في خلق الضار من المخلوقات]
[الحكمة في خلق الضار من المخلوقات]
  وسألت - وفقك الله لمرضاته وأعانك على طاعته - عن حكمة اللّه في خلق هذه الضوار(١) من ذوات السموم والمضار.
  واعلم يا أخي أن هذه الهوام في أنفسها حكمة جليلة، تدل على خالقها من تركيب آلاتها وأدواتها، وإحكام صنعة هيئاتها، وإصلاح جميع قوام حياتها، وإلهامها لمنافعها ومضارها، ولذات نعيمها ومسارها(٢)، فقد كُفِيت أسباب أرزاقها، وسُهِل لها جميع أرفاقها؛ لعلم الصانع الحكيم بضعفها عن احتيال الأرزاق وتكلفها، فأغناها ø من سعة فضله، وكفلها بأنواع لطفه، وهي لا تحرث ولا تزرع، ولا يدخر أكثرها ولا يجمع، فكم فيها من عجيبة تضل فيها العقول، وحكمة يقصر دون وصفها القول(٣)؟!
  وما عسى أن نذكر من عجائب أوصافها، ونشرح من خصائص ألطافها، أو نحصي من غرائب أصنافها، لعجزنا(٤) عن ذلك وضعفنا، وجل صنع الحكيم عن وصفنا.
  ألا ترى إلى الذرة وضعفها، كيف عجزت الحواس عن وصفها، وقصرت عن إدراك مختلف أغراضها [في تصرف إقبالها وإعراضها](٥) ودرك فهمها
(١) في (ب): الصورة.
(٢) في (ب): وشاربها.
(٣) في (ب): العقول.
(٤) في (ب): يعجزنا.
(٥) في (ب) ساقط ما بين المعكوفين.