[تقليد الرعية للإمام]
  لأنه سلم قياده إلى غيره وركن إليه بغير دليل يعتمد عليه، ومن رضي من الناس بإهمال عقله واستغنى عن المعرفة بجهله فقد كفر صاغراً وأساء في فعله.
  ألا ترى يا أخي أراك الله ما يحب من السلامة، ونجانا وإياك من الحسرة والندامة، أن هذا المقلد لا يخلو من أن يكون مفرطاً في طلب العلم أو مجتهداً في طلب الرشاد والفهم، فإن كان مفرطاً في طلب نجاته فقد وقع بجهله في موبقاته؛ لأنه من خاف وجب عليه الطلب للأمان، والفرار بجهده من الهوان، ولا يصلح الأمان إلا لمن طلبه، وخشي هلاكه وعطبه، وإن كان مجتهداً في طلب الدليل خائفاً من العذاب الجليل، فليس يقلد أحداً ولا يقيم على الجهل أبداً، وإذا أردت أن تظفر من العلوم بأجلها وتسلم من تفرية هذه الأمة وجهلها، فاعتمد على قولنا وامعن في الطلب لتوحيدنا، فإنك لا تجد له أبداً مثلاً ولا يقدر أحد أن يأتي بمثله أصلاً بعد كلام الله تبارك وتعالى وكلام رسوله ووصيه ª.
[تقليد الرعية للإمام]
  وسألت عن تقليد الرعية للإمام، وهل يجوز ذلك لأحد من الأنام؟
  والجواب: أن تقليدهم له إن كان بعد خبرته واليقين بصحة إمامته فلا بأس بتقليدهم له؛ لأن ذلك منهم بعد صحة نظرهم والتسليم واجب عليهم لإمامهم، وإنما يقبح التقليد في المعقول ولا يجوز في شيء من الأصول، فأما في الأمر والنهي وغيرهما من الفروع فيجب التسليم في ذلك على الجميع؛ لأنه قد يجب على الإمام أن يأتي على صحة دعواه بدليل من المعقول ومعجزة تبين لأهل العقول، فإذا علم أهل العقول أنه أتى بمعجزة لا يمكن في مثلها الاحتيال ولا يتهيأ في مثلها التمويه والاغتيال، وجبت عليهم الطاعة