[اختلاف الناس في الطبائع]
[اختلاف الناس في الطبائع]
  واختلف الناس في هذه الطبائع:
  فقال بعضهم: هي تفعل لغير صانع صنعها، ولا فاطر فطرها وابتدعها، وهم الملحدون، الكفرة الأنجاس الجاحدون، قد رددنا عليهم في كتاب (الطبائع) وغيره ما يكتفى به عن إعادته وتكريره.
  وقال آخرون من المسلمين وأولياء الله المتقين: إن الله ø كمّن في هذه الطبائع خيراً وشراً، وجعل فيها نفعاً وضراً؛ فمن تناول منها شيئاً نفع به وضر، وصرفه أينما شاء من الخير والشر، مثلما كمّن الله برحمته من طبائع أدوية الأمراض، ومما يعرض لعباده من الأعراض، فبالمشاهدة يعلم أنه ينفع ويحرك تارة، ويقطع ويكف هيجان المرة، ويقمع ويلين الطبيعة، ومنه ما يحمد، ومنه أيضاً ما يبرد، ومنه ما يحرق، ومنه ما يروح البدن، ومنه ما يعرق، وبالمشاهدة أيضاً أن من الطبائع ما يقتل ويمرض مثل ما يستعمله أعداء الله من السموم، وما قد نهى عنه الواحد الحي القيوم.
  مسألة:
  فإن سأل سائل مسترشد، أو قال قائل متعنت ملحد: ما تقولون في المؤمنين وأصحاب الأخدود المتقين، الذين أحرقهم أعداء الله بالنيران؟ وما قولكم في الأئمة الطاهرين الذين قتلهم أعداء الله الكافرون، وأهلكوهم بطبائع السموم، أتقولون ذلك من الحي القيوم؟ أم هو من فعل الكفرة الظالمين، الخونة الأشرار المجرمين؟