مجموع كتب ورسائل الإمام المهدي الحسين بن القاسم العياني،

الحسين بن القاسم العياني (المتوفى: 404 هـ)

[صفات والده المنصور]

صفحة 471 - الجزء 1

  العقول، منكمه في حنادس الإظلام، غرق في لجج الأوهام، لا يفيق من سكرته ولا يستيقظ من نومته، قد رين بعمله على قلبه لما باء به من سخط ربه، فهو يظن - لما هو فيه من جهله برب الأرباب - أنه أولى بالحق من ورثة الكتاب فعما قليل يحصد ما زرع، ويذم غداً ما ابتدع.

  وهيهات أن يحتج لله على عباده، أو أن يذب عن دينه وكتابه من هو بجهله لرب العالمين مشارك لمن عاند المرسلين، سالك لسبيل المعتدين، مجانب لطرق الراشدين، حائر عن منهاج المهتدين.

[صفات والده المنصور]

  افهذا يا اخي عند من عقل أولى بالصواب والحكمة وفصل الخطاب، أم ذرية الرسول ونسل البتول، ومن هو لله سبحانه مطيع، وفي مرضاته جاهد سريع، عرف الله حق معرفته، وتنصل إليه من خطيئته، ووله قلبه بمحبته، وتقرب إليه بطاعته، وأيقن بوعده ووعيده، ونزهه عن ظلم عبيده، هو ولي لرب العالمين وحبيب للملائكة المقربين، وشريك لأفاضل النبيين، فمعرفته لله معرفة للصادقين، ومقامه مقام السابقين، قد باع من الله نفسه، وكشف بالمنابذة للظالمين راسه، وعبد الله ليلاً ونهاراً، وإعلاناً وإسرارا، وفارق المال والمحل، وعطل القرابة والأهل، قد اخشن لباسه وفراشه، وأقل نومه ومعاشه، ولم يزل طول دهره عابداً، خاشعاً راكعاً ساجداً، شاكراً لربه حامداً، داعياً إلى الله جاهدا، وفي حطام الدنيا زاهدا، قد عرف الله فقصده، فأبلا في طاعته جسده، فأتاه الله رشده فهداه وسدده، وأتاه تقواه، قد غمرته المحن والهموم، والنوائب والغموم، فهو لذلك جذل ولماله ونفسه باذل، فقلبه بخالقه منوط،