[تنوع المخلوقين]
  في الآخرة أحسن التمام، وذلك نعمة من السيد المنعام وخصب لطيفة يدق على كثير من ذوي الأحلام، وسر عند الله كتمه عن العباد ليظهره لهم في يوم القيامة والمعاد، حتي يروا عجائب من رحمته لم يحسبوها ولم يخطر على قلوبهم قط ولم يعقلوها؛ لأنه ذكر في كتابه أنه: {وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ٨}[النحل: ٨] فدل ذلك على كتمان [ما لا](١) يفهمون من هذه المضغة التي ذكرنا ومثلها وما [فيها من](٢) الأسرار العجيبة من شكلها.
[تنوع المخلوقين]
  فإن قال: أرى الله خلق بعض عباده قبيحاً وجعل بعضهم كاملاً حسناً مليحاً؟
  قيل له ولا قوة إلا بالله: ذلك محنة للمكلفين، ليفرق بين الساخطين على الله والراضين، فيثيب من شكره على الحسن والكمال ويعذب من سخط عليه من الضلال الكفرة الفجرة الخونة الأنذال، ويعذب من لم يشكره على التمام والجمال.
  وروي أن الله سبحانه خلق أولياءه خلقاً مليحاً جميلاً، ولم يجعل منهم وخيماً ولا ثقيلاً.
  وأما سائر الخلق من أهل الطاعة والكفر والعصيان فهم على ما رأيتم من الصور والألوان، وكل ذلك حسن في المعقول من صنع الله الواحد العظيم الجليل، وما حسن في هذه الدنيا إلا يؤول كريهاً ويصير عن قليل قبيحاً
(١) ما بين المعوكفلين فراغ في النسخة المعتمدة وما أثبتناه اجتهاد من لدينا.
(٢) ما بين المعوكفلين فراغ في المخطوط وما أثبتناه اجتهاد من لدينا.