مجموع كتب ورسائل الإمام المهدي الحسين بن القاسم العياني،

الحسين بن القاسم العياني (المتوفى: 404 هـ)

[أوجه الحكمة]

صفحة 349 - الجزء 1

  وسنعود إن شاء الله إلى الرد على من جهل حكمة الله الواحد الأحد الرحمن، ولم يوقن بإحسانه حقيقة الإيقان، وذلك أن اكثر هذه الأمة لجهلهم لا يعرفون الحكمة لإهمالهم وبعدهم من الله وضلالهم، وقلة نظرهم واستعمالهم، ومكابرتهم لعقولهم، واتباعهم لأهوائهم.

[أوجه الحكمة]

  فإن سأل منهم سائل أو قال مسترشد قائل: ما الحكمة في ذاتها وما حقيقة صفاتها؟

  فالجواب ولا قوة إلا بالله الرحمن الرحيم، فيما سأل عنه من حكمة الحكيم: أن أول الحكمة: العلم السابق الذي بأحكامه صحت الحقائق، وهو علم الله الذي أحاط بالأشياء وعَلِمَهَا ثم دبرها كما شاء ثم احكمها، فالحكمة الأولة علم الحكيم.

  والحكمة الثانية: هي صنع القديم، وما أحكم من السماوات والأرضين ودبر من جميع المخلوقين، فجاء تدبيره محكماً وتقديره متقناً مبرماً.

  والوجه الثالث: العلم والعمل معاً ولا يُسمَّى الحكيم حكيماً حتى يجتمعا فيكون حكيماً إذا علم وأحكم وأحسن في جميع تدبيره وأبرم.

  ومعنى قولنا: إنه حكيم نريد أنه محسن عليم، فمن كان عالماً غير محسن لم يسم حكيماً، وإن كان بالمعلومات عليماً، لأنه عالم لا ينتفع بعلمه ولا يحسن الى العباد مع فهمه، ومن لم يكن من المحسنين فهو بغير شك من المسيئين، ومن كان من المسيئين الضالين فليس - ولا كرامة - من المصيبين، ومن لم يكن من المصيبين فهو لا محالة من الخاطئين، ومن جمع الخطأ والضلالة والإساءة والبطالة فهذه خصال أعظم وأشنع من الجهالة، وقد نسبوا هذه الخصال إلى الله بجهلهم وتقليد آخرهم لأولهم حتى صار الله عندهم على غاية الجهل،