باب الدلالة على صنع الله في الحيوانات
[إبطال وجود الأجسام قبل الزمان]
  وإن قلت: إن الأجسام كانت قبل الزمان، سألناك: أكانت متحركة أو ساكنة؟
  وإن قلت: لا متحركة ولا ساكنة جحدتها ونفيتها.
  وإن قلت: إنها كانت قبل الزمان غير منفكة من حركة أو سكون، لم تخل من أن تكون تحركت أو سكنت قليلاً أو كثيراً.
  فإن قلت: إنها تحركت أو سكنت كثيراً، فالكثير أوقات ودهور، وأزمان وساعات، وفي ذلك إثبات ما قلنا به من أن الأجسام، لم تنفك مما ذكرنا من الأزمان.
  وإن قلت: إنها تحركت أو سكنت أوقاتاً قليلة، أوجبت أيضاً أنها لم تنفك من قليل الأوقات، فكأنها لم تنفك من المحدثات، ولم تكن قبلها موجودات، وإذا لم تكن قبلها، ولم تتقدمها فهي محدثة معها، وإذا صح حدث الأجسام كلها، وصح حدث حركاتها وسكونها، لم تخل من أحد أربعة أوجه:
  [١] إما أن تكون أحدثت أنفسها.
  [٢] وإما أن تكون حدثت هملاً.
  [٣] وإما أن تكون حدثت من محدِث قديم.
  [٤] وإما أن تكون حدثت لعلة.
  فإن قلت: إنها أحدثت أنفسها، فهذا محال، لأنها كانت معدومة، فكيف تحدث أنفسها وهي غير موجودة، والفاعل لا يكون إلا موجوداً غير معدوم.