مجموع كتب ورسائل الإمام المهدي الحسين بن القاسم العياني،

الحسين بن القاسم العياني (المتوفى: 404 هـ)

[التفكر في النفس]

صفحة 92 - الجزء 1

[التفكر في النفس]

  وذلك أنا نظرنا إلى أنفسنا، إذ هي أقرب الأشياء إلينا، فرأينا كل جارحة من جوارحنا قد جعلت لسبب ومعنى، ولا يجعل الشيء لصلاح الشيء إلا عالم حكيم بما صنع وبنى، من ذلك ما شاهدنا، في جميع الحيوانات منا ومن غيرنا، من عجيب تصويرها، وإحكام صنعها وتدبيرها⁣(⁣١)، وإصلاح منافعها وتعميرها، وما جعل الله لها من تفصيل أجسامها وتوصيلها، وشد أسرها وتعديلها وإثبات مصالحها التي لولا هي لهلكت ودمرت، ولما تناسلت ولا كثرت.

  ومن ذلك ما جعل [فينا] من العقول لاجتلاب المنافع ونفي المضار، والمفاصل التي جعلها للحركة والمجيء والإياب والإدبار، وما جعل من الحواس الخمس، من [الأعيان]⁣(⁣٢) والسمع والذوق واللمس، وجعل كل حاسة لشيء بعينه، لما أراد من ثبات الدليل وتبيينه، إذ لا يجعل⁣(⁣٣) الشيء للشيء إلا حكيم، ولا يدبر ويصرف إلا عليم.

  ومن ذلك ما جعل من الذكور والإناث، وأبان في ذلك من الجعل والإحداث، فجعل كل زوج من ذلك يصلح للآخر بتقديره، لما أراد سبحانه من خلق النسل وتكثيره، ثم جعل للنسل⁣(⁣٤) معايش في صدور الإناث بلطفه، لما علم من فاقة الطفل وضعفه، وهذا ومثله فلا يتم إلا بعلم من عليم،


(١) في (ب): وتقديرها.

(٢) في (أ): العيان، وما بين المعكوفين أثبتناه من (ب) ولعله الأصح.

(٣) في (ب): إذ لا يحصل.

(٤) في (ب): النسل.