[الصفات الإلهية]
  ودليل آخر: يقال له: أخبرنا عن ما يحاد الأرض من المكان أهو عندك أسفله أم أعلاه؟ فإن قال: ليس بأسفله ولا أعلاه كذب وأحال وكان من أجهل الجهال، وإن قال: بل أعلاه كذب في المقال، وإن رجع إلى الحق فقال: بل أسفل المكان يحاد الأرض وأعلاه يحاد السماء قيل له: يا سبحان الله فشيء له أسفل وأعلي يكون عندك عدماً؟!.
  وهذا الرد على من قال بإبطال صنع الله الجليل فهو مما لا تنكره العقول، وإنما هلك فيه من هلك لأنه خلق لطيف(١)، فيه من تدبير الله ما يدل على حكمة صانعه، وذلك أنه أصل حياة المخلوقين، ودليل على جميع صنع الله في العالمين، وإثبات السماوات والأرضين، فلو عدمه الحيوان لهلك ولما بقي بعد عدمه، فسبحان المدبر الخالق المصور عما يقول الجاهلون وينسب إليه الضالون.
[الصفات الإلهية]
  وأما الفرقتان اللتان زعمتا أنه قديم مع الله السميع العليم فتعالى الله عن قولهما وتقدس عن كفرهما، بل هو الخالق الباري المصور، الحكيم العالم المدبر، الذي لا تدركه الأبصار، وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير السميع البصير، العليم القدير، الواحد الأحد، الفرد الصمد، لم يلد، ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد، فهو لا إله إلا هو بعيد عن مشابهة المخلوقين، جليل عن مماثلة المربوبين ليس له حد به يحد، ولا بذي أجزاء تعد، ولا له غاية ولا أمد، ولا له صفة من الصفات، ولا يدرك بالأوهام الجائلات، ولا يمثل
(١) يشير ¦ إلى أهمية الهواء وضرورته للمخلوقين جميعاً.