مجموع كتب ورسائل الإمام المهدي الحسين بن القاسم العياني،

الحسين بن القاسم العياني (المتوفى: 404 هـ)

[الحكمة في تكرار الآيات]

صفحة 370 - الجزء 1

[الحكمة في تكرار الآيات]

  فإن سأل سائل مسترشد أو قال متعنت ملحد: أخبروني لم كرر الله القرآن وردده؟

  قيل له ولا قوة إلا بالله: إنما بينه بذلك ووكده، وذلك دليل على رحمته للعباد، ولذلك كرره وردد النهي عن الفساد وأكثر في الترديد للوعد والوعيد، والميعاد، وكرر عليهم أخبار الأمم الماضين ليحذروا مثل ما نزل بالكافرين وكرر أخبار عباده المقلدين، ليبشر أولياءه المقتدين، وليعلموا أنهم عند الله منصورون وأنهم في الدنيا والآخرة مأجورون، وأنه قد يجب لهم من النصر ما يجب لأشكالهم، فإن مثلهم كمثل الماضين من أمثالهم، وان حكمهم عند الله وحالهم مثل حالهم، وإذا أردت أن تعلم بمنزلتك عند الله أحكم الحاكمين، فانظر إلى أشباهك في القرآن في الأولين، فإن حكمك عند الله حكمهم، وسبيلك بأيقن اليقين سبيلهم، ولهذا السبب أخبر وذكر وردد في الأخبار لهذا السر الذي ذكرناه في الأخيار والأشرار، مثل ترديده لأخبار موسي # ومن تبعه من الأبرار وترديده لخبر فرعون اللعين ومن تبعه من الأشرار، فأخبر بنجاة الطاهر الكريم، التقي، ونصر الله على الكافر الفاجر اللعين الأثيم الغوي، ليعلم من كان من شكل موسى أنه سيرحم كما رحم الله شبيهه وينصر كما نصر الله مثيله؛ لأن القياس فيهما سواء لا يخفى على أهله، ولا يستنبطه جاهل أبدي بجهله.

  ألا ترى أنما وجب في الحكم على واحد وجب على من كان مثله وعمل عمله، وفعل فعله، فليبشر من تبعنا بالنجاة والثواب العظيم، ويبشر من عادانا بالهلاك والعذاب الأليم، فعلى هذا القياس يكون اخبار الكتاب لا ينكر ذلك أحد من ذوي الألباب، وما على الحكيم إن كرر وعده ووعيده،