[الأدلة على البعث والنشور]
  وكذلك يجب على أهل المعصية العقاب، لأن الحكيم لا يخلف الميعاد، لأنه غني عن إخلاف وعده ووعيده.
  ألا ترى أن المخلف لوعده إنما يخلفه لأحد ثلاثة أوجه:
  [١] إما لاجتلاب منفعة.
  [٢] أو دفع مضرة.
  [٣] أو عبث وسفه.
  فاجتلاب المنافع واللذات، لا يكون إلا للمحدثات، لأن لذة المنفعة لا تصل إلا إلى كل شيء أو بعضه، والكل والبعض لا يكون إلا مخلوقاً محدثاً، ومربوباً مدبراً، لأن المحتاج المضطر لا بد له من مانع منعه من الغنى والسعة والجاه، واضطره إلى الحاجة.
  وكذلك الدافع عن نفسه للمضار يكون محتاجاً إلى الدفاع عن نفسه، ملجأ مضطراً إلى الخوف من هلكته، ومن كان مضطراً ضعيفاً خائفاً، لم يكن رباً ولا خالقاً، لأنه محل للخوف واللذات، ملجأ إلى المحن النازلات، غير آمن من المهلكات، فهاتان صفتان للمخلوقين، يتعالى عنهما رب العالمين، وفاطر السماوات والأرضين، وخالق الخلق أجمعين، ومجيب المضطرين، وأرحم الراحمين، وأعظم الأعظمين، وأكرم الأكرمين.
  وأما العبث والسفه، فإنما تولد من الشهوات والهوى، والخالق تبارك وتعالى لا يشتهي ولا يهوى، لأن الهوى والشهوة عرض يحل في القلوب، ويتعالى عنه علام الغيوب.
  وأيضاً فقد نجد من المخلوقين الضعفاء المحتاجين من لا يخلف وعده،