كتاب الطبائع
  
  والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى أهل بيته الطاهرين وسلم تسليماً.
  سألت(١) يا أخي - وفقك الله لطاعته وخصك بأجزل كرامته وحباك [بأسنى](٢) هدايته - عن أولي مسائل المتعبدين، وأعظم مقاصد المهتدين، وأهلك مهالك الملحدين فقلت: ما الدليل على حدث السماوات والأرضين وهما أدل الدلائل على رب العالمين؟
  والدليل على حدثهما: أنا نظرنا إلى اختلافهما فلم يخلُ عندنا من أحد [ثلاثة](٣) أوجه تدل على حدوثهما:
  [١] إما أن تكونا خالفتا بين أنفسهما.
  [٢] وإما أن يكون اختلافهما من قبل قدمهما.
  [٣] وإما أن يكون اختلافهما دليلاً على حدثهما.
  فإن قلت: إن اختلافهما من فعل أنفسهما فهذا محال(٤) لما علمنا من موتهما؛ لأن الميت لا يقي نفسه فكيف بتدبيره لها! وإذا عجز الحي الحكيم عن تدبير نفسه وتعذر عليه تحسين القبيح من صورته فالموات أعجز من(٥) ذلك وأجدر بالعجز عن أن يكون كذلك.
(١) في (ب): وسألت.
(٢) في (أ): بأمنى. والصحيح ما أثبتناه بين المعكوفين من (ب).
(٣) سقط لفظ (ثلاثة) من (أ) فأثبتناه من (ب).
(٤) في (ب): فهذا تحير.
(٥) في (ب): عن ذلك.