مجموع كتب ورسائل الإمام المهدي الحسين بن القاسم العياني،

الحسين بن القاسم العياني (المتوفى: 404 هـ)

[مسألة الحب والبغض في حق الله جل شأنه]

صفحة 306 - الجزء 1

  ولا يهوى؛ لأن الهوى داع إلى كل منكر، ومنه تولد الظلم والبطر، والهوى فهو ضمير وخاطر (والله يتعالى عن الخواطر؛ لأنها شهوات) لا توجد إلا في القلوب، وما يتعالى عنه علام الغيوب، وقد تقدم كلامنا في الجزء الأول من نفي الخواطر عن رب العالمين وتبيين حدوث ذلك في المخلوقين.

[مسألة الحب والبغض في حق الله جل شأنه]

  مسألة وإن سأل فقال: هل يحب الله نفسه أو يبغضها؟

  قيل له ولا قوة إلا بالله: كلامك هذا باطل محال لا يجوز على الله؛ لأنه غني عن الحب والبغض؛ لأن الحب يخرج على وجهين وكذلك البغض:

  [١] فمن الحب ما يكون ضميراً أو نية، وشهوة في القلوب مبنية، وهذا من صفات المخلوقين المحتاجين إلى محبة أنفسهم، المجبولين على فطرة شهواتهم.

  [٢] وأما الوجه الثاني فهو حب الله لأوليائه المؤمنين، وهو ثوابه ونعمته للمطيعين، والله غني عنه وغير محتاج إليه؛ لأن المحتاج إلى الرزق لا يكون إلا مبنياً على الحاجة إليه، والله يتعالى عن الحاجة إلى الأرزاق واجتلاب النعم والأرفاق؛ لأن الذي يرتزق ويغتذي لا يكون إلا مضطراً غير غني، ومن كان مضطراً فهو فقير إلى اللذات مبني على الحاجة إلى الشهوات، والملتذ لا يكون إلا جسماً مجتمعاً متحركاً أو ساكناً، وقد بينا حدث الجسم فيما تقدم من كلامنا.

  والبغض يخرج على وجهين:

  فمن ذلك بغض الآدميين وإضمار كراهة ما يكرهون والله يتعالى عن شبه المخلوقين.