مجموع كتب ورسائل الإمام المهدي الحسين بن القاسم العياني،

الحسين بن القاسم العياني (المتوفى: 404 هـ)

كتاب بيان الحكمة

صفحة 338 - الجزء 1

  والوجه الآخر: ما أحدثه من البدع الكاذبون⁣(⁣١)؛ لأن الله سبحانه بنى الحكمة


(١) وقد صوّر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب # حالات الرواء فقال: (إنًّ في أيدي الناس حقاً وباطلاً، وصدقاً وكذباً، وناسخاً ومنسوخاً، وعاماً وخاصاً، ومحكماً ومتشابهاً، وحفظاً ووهماً ولقد كذب على رسول الله ÷ على عهده حتى قام خطيباً فقال: (من كذب عليّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار).

وإنما أتاك بالحديث أربعة رجال ليس لهم خامس:

١ - (المنافقون): رجل منافق، مظهر للإيمان، متصنع بالإسلام، لا يتأثم، ولا يتحرج، يكذب على رسول الله ÷ متعمداً، فلو علم الناس أنه منافق كاذب لم يقبلوا منه، ولم يصدّقوا قوله، ولكنهم قالوا: صاحب رسول الله ÷ رآه وسمع منه ولقف عنه، فيأخذون بقوله، وقد أخبرك الله عن المنافقين بما أخبرك ووصفهم بما وصفهم به لك. ثم بقوا بعده فتقربوا إلى أئمة الضلال والدعاة إلى النار بالزور والبهتان، فولوهم الأعمال، وجعلوهم حكاماً على رقاب الناس فأكلوا بهم الدنيا، وإنما الناس مع الملموك إلا من عسم الله فهذا أحد الأربعة.

٢ - (الخاطئون): ورجل سمع من رسول الله ÷ شيئاً لم يحفظه على وجهه، فَوَهِم فيه، ولم يتعمد كذباً، فهو في يديه، ويرويه ويعمل به، ويقول: أنا سمعته من رسول الله ÷ فلو علم المسلمون أنه وهم فيه لم يقبلوه منه، ولو علم هو أنه كذلك لرفضه.

٣ - (أهل الشبهة): ورجل ثالث سمع من رسول الله ÷ شيئاً يأمر به ثم إنه نهى عنه وهو لا يعلم، فحفظ المنسوخ ولم يحفظ الناسخ، فلو علم إنه منسوخ لرفضه، ولو علم المسلمون إذ سمعوه منه إنه منسوخ لرفضوه.

٤ - (الحافظون الصادقون): وآخر رابع لم يكذب على الله ولا على رسوله، مبغض للكذب خوفاً من الله، وتعظيماً لرسول الله ÷، ولم يَهِم، بل حفظ ما سمع على وجهه فجاء به على ما سمعه لم يزد فيه ولم ينقص منه فهو حفظ الناسخ فعمل به وحفظ المنسوخ فجنَّب عنه، وعرف الخاص والعام والمحكم والمتشابه فوضع كل شئ موضعه.

(كلام ذو وجهين):

وقد كان يكون من رسول الله ÷ الكلام له وجهان: فكلام خاص، وكلام عام، فيسمعه من لا يعرف ما عنى الله سبحانه به، ولا ما عنى رسول الله ÷، فيحمله السامع ويوجهه على غير معرفة بمعناه وما قصد به وما خرج من أجله، وليس كل أصحاب رسول الله ÷ من كان يسأله ويستفهمه حتى إن كانوا ليحبون أن يجئ الأعرابي والطارئ فيسأله # حتى يسمعوا، وكان لا يمر بي من ذلك شئ إلا سألته عنه وحفظته فهذه وجوه ما عليه الناس في إختلافهم وعللهم في رواياتهم) (نهج البلاغة: ٣٢٥ - ٣٢٨).