مجموع كتب ورسائل الإمام المهدي الحسين بن القاسم العياني،

الحسين بن القاسم العياني (المتوفى: 404 هـ)

[مصادر الدين]

صفحة 340 - الجزء 1

  لأن حجج العقول مبنية على قبول الصواب، فما خالف ذلك فليس من رب الأرباب.

  وكيف يأمر الحكيم بنقض صوابه، وخلاف معقول دينه وكتابه، وجميع العقول مفتقرة إلى عقول الأئمة $، ولولا ذلك لما احتاج أحد إلى إمام ولسقط فرض الإمامة عن جميع الأنام، ولو سقط ذلك عنهم لما فرضه الله سبحانه عليهم.

  وقد وضعنا بحمد الله من المعقول ما فيه كفاية وهداية لذوي العقول فمن لم ينتفع بذلك لم ينتفع بغيره، لما وضعنا من الهدى في قليله وكثيره.

  وأما المسموع فهو أمر الله ونهيه وحلاله وحرامه، وذلك موجود في الكتاب لا يخالف ما ذكرنا من حجج الألباب؛ لأنه لم يأمر إلا بالعدل والإحسان، ولم ينه إلا عن الجور والعدوان، ولم يحل لعباده إلا الطيبات، ولم يحرم عليهم إلا كل خبيث من المكروهات، ولم يأمرهم سبحانه في كتابه ولا على لسان نبيه بفضيحة من الفضائح، بل نهاهم عن جميع المنكر والقبائح، وفي نهيه عن المنكر لمن عقل وتدبر ستر جميع العورات، وإحمال كل فضيحة من المنكرات، ولو كلفهم شيئاً من ذلك لكلفهم أعسر العسير، ولبراء من الرحمة والحكمة والتدبير، ولكان ذلك من أعظم القبيح والتدمير، وحاشا الله سبحانه من ذلك وتعالى سيدنا ومولانا من أن يكون كذلك، بل أمر سبحانه بأيسر اليسير ودبر لعباده أحسن التدبير، وندبهم إلى مكارم الأخلاق وأرفق عليهم بأعظم الإرفاق، وأراهم آياته في أنفسهم وفي الآفاق، وسددهم بأمره ورأيه إلى طريق الصواب، وأخرجهم باليقين من الشك والارتياب، وأدبهم سبحانه بأحسن