مجموع كتب ورسائل الإمام المهدي الحسين بن القاسم العياني،

الحسين بن القاسم العياني (المتوفى: 404 هـ)

مسألة في الإرادة سأل عنها علي بن عبد الله

صفحة 494 - الجزء 1

  فاعلاً لوجب أن يكون الفعل معه أزلياً، وهذا متناقض وربنا محمود، وإن كانت ضميراً فهي همة ونية والهمة والنية شهوة، ومحبة حالة في جسم، والله ليس بمحل للأعراض والنيات ولا يشتمل على الشهوات؛ لأن الضمير والنية لا يتعلق إلا بجسم محدود مفترق أو مجتمع، والمفترق لابد له من مفرق والمجتمع لابد له من جامع ومفتطر صانع.

  ودليل آخر: أن هذه الإرادة القديمة لا تخلو من أن تكون جسماً أو عرضاً أو رباً خالقاً أو عدماً أو فعلاً، فإن قالوا إنها عرض، والعرض لا يحل إلا جسماً والله ليس بجسم كما قد ذكرنا، وإن قالوا: إنها جسم لم يخل ذلك الجسم من أن يكون حادثأ أو قديماً فإن قالوا إنه حادث نقضوا قولهم، وإن قالوا: إنه قديم لم يخل من أن يكون مفترقاً كما ذكرنا أو مجتمعاً والمجتمع موصل، والموصل لابد له من موصل، والمفترق مفصل لابد له من مفصل، والله موصل الأشياء ومفصلها ومفرقها وجامعها ومفتطرها وصانعها.

  ودليل آخر: أن الإرادة لو كانت قديمة غير الفعل وحادثة لم يخل من أن تكون متعلقة أو مباينة له، والتعلق والمباينة من صفات الأجسام التي دللنا على فساد القول فيها.

  فإن قال: إن الإرادة شيء مباين مغاير معه أزلي أوجبوا أزلية شيء مع الله مغاير له.

  فإن قالوا: بل هي شيء متعلق به لم يخل من أن يكون تعلقت بكل منه أو بعض.