[وجود الكون]
  ودليل آخر: ومنهم مقرون بالقرآن قول الله ø: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ}[الأنعام: ١٠٣]، والهواء فهو يبصر ويدرك.
  ودليل آخر: قول الله سبحانه: {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ}[البقرة: ٢٥٥]، وقوله سبحانه: {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا ١١٠}[طه: ١١٠] فقال ø: {وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ} والهواء فيُحاط بعلمه.
[وجود الكون]
  وسنذكر إن شاء الله من الدليل على حدثه ما فيه مقنع لكل مسترشد وقطع لكل معاند ملحد، فنقول ولا قوة إلا بالله: إن الهواء أول ما خلق الله ø والله أعلم وأحكم، ثم نقول: إن الله ألبسه الظلمات والنور، فلم يخل من الزمان طرفة عين منذ خلقه الله ø، ولم يكن الزمان في حال خلق الله للهواء ليلاً ولا نهاراً(١)، وإنما دلنا على أنه لم يخل من الزمان أنّا نظرنا إلى كل مخلوق فإذا هو لا يخلو من الحركة والسكون، وإذا الحركة والسكون لا يوجدان إلا في أقل قليل الأوقات، ولا تكون الحركة إلا في وقت ولو قل، وكذلك السكون، والدهر فهو عرض خلقه الله مع الهواء فلم يسبق أيهما الآخر إلى الوجود طرفة عين فما دونها.
  ثم أتت الأخبار بأن الله خلق بعده الماء والرياح والنار، ثم خلق جميع الخلائق من هذه الأصول فانظر أي القولين أولى بالحق والصواب وأقرب
(١) لاحظ أسلوب الإمام العالم كيف حسم قضية التصارع حول: هل وجد الكون في الزمان أم وجد مع الزمان.