[الدليل الثاني: السنة]
  ولذلك يقول المترجم: أديته كما سمعتُه.
  وأما ما تعبدنا بلفظه فإنما هو لقيام الدلالة على تأديته بلفظه، وهو غير محل النزاع كما تقدم، وعليه يحمل قوله تعالى: {فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ}[البقرة ٥٩]، أو على من(١) غَيَّر المعنى.
  وأما التجويز الذي ذكروه فغير محل النزاع أيضاً، فإن المفروض أنَّ المنقول معنى لفظ النبيء ÷ لا قول الراوي، بحيث لا يتطرق إليه لبس ولا تغيير، والله سبحانه أعلم.
[حكم قبول رواية فاسق التأويل وكافره]
  واعلم أن رواية كافر التصريح وفاسقه غير مقبولة بلا خلاف أعلمه، وأما قبول شهادة الكفار بعضهم على بعض فللضرورةِ؛ صيانةً للحقوق؛ إذ أكثر معاملاتهم فيما لا يحضره مسلمان.
  (واختلف في قبول رواية فاسق التأويل) وهو من أتى من أهل القبلة بما يوجب الفسق غير متعمد، كالباغي على إمام الحق، وهو من يظهر أنه محق والإمام مبطل، وحاربه، أو عزم على حربه، وله مَنَعَةٌ، أو مَنَعَهُ واجباً. (وكافره) وهو من أتى من أهل القبلة بما يوجب الكفر غير متعمد، كالمشبه والمجبر - فقال جمهور أئمتنا $ وغيرهم: لا يقبل؛ لأنه قد ثبت أن الكفر والفسق مانعان من قبول الحديث والشهادة، فلا يقبل المتأول فيهما(٢)؛ إذ لا أحد من أهل العلم يقطع بكفر غيره أو فسقه ثم يقبل حديثه وشهادته، وإنما يقبل منه(٣) من يعتقد أن تأويله قد أخرجه عن الكفر والفسق، فثبت أنهما(٤) مدار الحكم. ولقوله تعالى: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ}[الحجرات ٦]،
(١) «ما». نخ.
(٢) أي: الحديث والشهادة.
(٣) أي: من المتأول.
(٤) أي: الكفر والفسق.