شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[الدليل الثاني: السنة]

صفحة 116 - الجزء 1

  البدع فلا يؤخذ حديثهم.

  ولو سلم أداؤه عند بعض منهم وقبوله فلا نسلم قبول الكل لمن هذه حاله.

  وهذا الخلاف يتنزل على الخلاف في كونهما⁣(⁣١) سلبَ أهلية - بمعنى أنهما نقصان منصب أهلية قبول الرواية والشهادة - أو مظنةَ تهمة⁣(⁣٢).

فائدة

  يقال: هذا عدل تصريح وتأويل، وعدل تصريح فقط، ولا يقال: عدل تأويل فقط؛ لأنه مهما لم يكن عدل تصريح لم يكن عدل تأويل.

  ويقال لكافر التصريح: كافر تصريح وتأويل، ولمن كفر من جهة التأويل: كافر تأويل فقط؛ ذكر معناه في المنار على مقدمة الأزهار.

  قلت: وكان الأنسب ذكر هذه المسألة عقيب بيان طرق التعديل والجرح، ولعله ذكرها هنا ليرتب عليها القول في الصحابي، ولأن أول حدوث كافر التأويل وفاسقه في زمن الصحابة كما سبق، فكان ينبغي - أيضاً - تقديم هذه المسألة ومسألة الاختلاف في الصحابة هنالك، كما لا يخفى على اللبيب.

[الخلاف فيمن يطلق عليه لفظ الصحابي]

  (و) اختلف أيضاً فيمن يطلق عليه لفظ الصحابي، وهو واحد الصحابة.

  والصحابة في الأصل: مصدر، يقال: صَحِبَه صُحْبَة وصَِحَابةً⁣(⁣٣)، أطلق على أصحاب رسول الله ÷ كالعَلَم لهم؛ ولذا نسب إليه على لفظه - فقال أئمتنا $، والمعتزلة، وجمهور الأصوليين: (الصحابي من طالت مجالسته


(١) أي: الكفر والفسق.

(٢) قال الغزالي: وهذا هو الأغلب على الظن عندنا، ولا شك أن الحكمة في وجوب رد الشهادة والرواية هي التهمة، والقائلون بأن الكفر والفسق سلب للأهلية لا ينفون ذلك، وإنما يريدون أن التهمة لما كانت خفية منتشرة نيط الحكم بوصف ظاهر منضبط كالكفر والفسق والقرابة على رأي، سواء وجدت التهمة معه أم لا، كما في شهادة الوالد لأحد ولديه على الآخر فإنها لا تقبل عند المخالف وإن لم يتهم.

(٣) بالفتح والكسر.