[الدليل الثاني: السنة]
  «حدثنا»، و «أخبرنا» مُقيِّداً بلفظ «قراءة عليه»، وأجود العبارات وأشملها(١) أن يقول: «قرأت على فلان»، وفي الإطلاق(٢) خلاف، فأجازه الجمهور.
  (ثم) يتبع ما تقدم في القوة (المناولة)، وصورتها أن يقول: «قد سمعتُ ما في هذا الكتاب»، أو «هو من سماعي»، أو «من روايتي عن فلان»، أو يطلقه ولا يسند - «فاروه عني». وسميت مناولة لأن الغالب مناولة الشيخ للتلميذ الكتاب المروي. ويكفي التعيين بالإشارة مع أمن التحريف، والله أعلم. فيقول الراوي بها: «حدثني» و «أخبرني» و «حدثنا» و «أخبرنا»، مقيداً بقوله: «مناولة» أو «إذناً» أو نحو ذلك.
  (ثم) يتبع ما تقدم في القوة أيضاً (الإجازة) من الأستاذ لمعين أو عام، في معين أو عام، لا لمعدوم، سواء قلنا: إنها إخبار أو إذن؛ إذ لا يصح إخباره ولا الإذن له. والذي عليه جمهور المحدثين وغيرهم: إباحة الرواية بها؛ لأنه قد أخبره بما أجازه له جملة، فهو كما لو أخبره به تفصيلاً، ولأن الغرض حصول الإفهام، وهو يحصل بها.
  ومنعها أبو حنيفة وأبو يوسف والشافعي وجماعة من المحدثين والأصوليين، حتى قال بعضهم: إن قول المحدث: «أجزتُ لك أن تروي عني» تقديره: «قد أجزت لك ما لا يجوز في الشرع»؛ لأن الشرع لا يجيز رواية ما لم يسمع.
  ويجوز أن يقول في الرواية بها(٣): «أنبأني» باتفاق متأخري المحدثين؛ لأن العرف إطلاق الإنباء على مطلق الإذن بالشيء والإعلام به، يقال: هذا الفعل ينبي عن المحبة أو العداوة.
(١) صوابه أسلمها.
(٢) وهو أن يقول: «حدثنا» أو «أخبرنا» ولم يقيد.
(٣) أي: الإجازة.