[الأدلة الشرعية]
  وزاد بعضهم طريقاً خامساً تُسمى الوِجادة(١)، وهي أن يقف على كتاب بخط شيخ فيه أحاديث يرويها ولم يلقَه، أو لقيه ولم يسمع منه، فيقول: وجدت وقرأت بخط فلان، ويسوق الإسناد والمتن، وقد اشتهر عليه العمل قديماً وحديثاً، وهو من باب المنقطع والمرسل، غير أنه أخذ شوباً من الاتصال بقوله: «وجدت بخط فلان»، فيجوز العمل والرواية بغير ما يوهم السماع، نحو: «وجدت بخط فلان» أو «بخط ظننته خط فلان»، والله سبحانه أعلم.
  فرع على طرق الرواية، (و) هو أنه (من) علم ألفاظ القراءة جميعها، و (تيقن) ذلك، و (أنه قد سمع جملة كتاب معين) كالشفاء بأحد طرق الرواية المتقدمة (جاز له روايته) إذا كان عدلاً، وإلا فلا على القول بأن عدم العدالة سلب أهلية (والعمل بما فيه(٢)) مطلقاً(٣)؛ إذ ذلك ثمرة العلم.
  والمراد من الجواز ما يعم أنواعه الشرعية، (وإن لم يذكر) سَمَاعه (كل حديث بعينه) حيث كانت النسخة مأمونة التحريف والتصحيف في ضبطها، وإلا فلا.
  وأما إن ظن سماعه جملة كذلك فكذلك يجوزان عند المنصور بالله عبدالله بن حمزة #، والقاضي جعفر، والشافعي، وأبي يوسف، ومحمد، وهو في نسخة من نسخ المتن؛ لعمل الصحابة بحسب كتب النبيء ÷ رواية وفعلاً.
  وقال أبو طالب # وأبو حنيفة: لا يجوزان.
  وجوز الإمام يحيى بن حمزة # العمل دون الرواية، والله سبحانه أعلم.
(١) بكسر الواو مصدر يجد، مُوَلَّد لم يرد عن العرب، ذكر معناه في الغيث الهامع.
(٢) فيستعمل ما يمكنه استعماله من الحديث في أي أنواع العبادات والآداب فذلك زكاته؛ ولذا قال بشر الحافي: يا أصحاب الحديث، أدوا زكاة هذا الحديث: اعملوا من كل مائتي حديث بخمسة أحاديث. وقال عمرو بن قيس الملائي: إذا بلغك شيء من الخبر فاعمل به ولو مرة تكن من أهله، بل ويكون العمل به سبباً لحفظه كما قال وكيع: إذا أردت حفظ الحديث فاعمل به.
(٣) سواء كان عدلا أم لا.