شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

تنبيه:

صفحة 126 - الجزء 1

  وكم لظلام الليل عندك من يد ... تُخَبِّر أن المانوية⁣(⁣١) تكذب

  (الذي لنسبته خارج) متحقق في أحد الأزمنة الثلاثة⁣(⁣٢)، فيخرج الإنشاء، فكل خبر لا بد فيه من دلالته على حكم ونسبة في الخارج.

  والمراد بالحكم: الإيقاع أو الانتزاع، أي: التصديق والجزم بثبوت نسبته التي اشتمل⁣(⁣٣) عليها أو انتفائها. ولسنا نريد بالدلالة عليه وجوده بحيث لا يتخلف عنها، بل يجوز تخلفه والدلالة بحالها، كما في خبر المجنون والساهي والنائم والشاك من⁣(⁣٤) عدم الجزم، وسواء كانت⁣(⁣٥) كذلك في نفس الأمر أو لا؛ لأن الدلالة اللفظية يجوز تخلف مدلولها عنها.

  بيان ذلك: أنك إذا قلت: «قام زيد» فقد دل هذا الخبر على ثبوت⁣(⁣٦) القيام لزيد في نفس الأمر. (فإن تطابقا) أي: النسبةُ التي هي مدلول الخبر والخارجُ الواقع في نفس الأمر، بأن كان زيد قائماً (فصدق) أي: فالخبر حينئذ صدق.

  (وإلا) يتطابقا بأن لا يكون زيد قائماً (فكذب) أي: فالخبر حينئذ كذب⁣(⁣٧).


(١) المانوية: فرقة على دين ماني بن ماينو الثنوي تزعم أن صانع العالم اثنان: فاعل الخير نور، وفاعل الشر ظلمة، وهما قديمان لا يزالان ولن يزالا حساسان سميعان بصيران متضادان في الأفعال، فجوهر النور حسن نير، ونفسه خيرة جامعة حليمة نفاعة، منها السرور والصلاح، وجوهر الظلمة بضد ذلك.

(٢) زاد قوله: «في أحد الأزمنة الثلاثة» لئلا يخرج الخبر في المستقبل نحو: سأضرب زيدا غدا» فإنه لا خارج له وقت الإخبار، لكن له نسبة خارجية ثبوتية أو سلبية بالنظر إلى الاستقبال، بهما يعتبر صدقه وكذبه.

(٣) أي: دلَّ عليها.

(٤) بيان لما في قوله: كما في خبر ... إلخ.

(٥) أي: الدلالة.

(٦) إشارة إلى النسبة التي دل عليها الكلام.

(٧) ولا يرد الدور المشهور على حد الصدق والكذب بأنه مطابقة الخبر وعدمها، وجه الدور: أن الخبر هو الكلام المحتمل للصدق والكذب، وقد تفصى عنه سعد الدين بما حاصله: أن الخبر بمعنى الكلام المخبر به، وبمعنى الإخبار، قال: وأيضاً فإن الصدق والكذب يوصف بهما الكلام والمتكلم، والمذكور في تعريف الخبر صفة الكلام بمعنى مطابقة نسبته. ورد بما حاصله أيضاً: أن الخبر وإن كان بمعنى المفعول - أي: الكلام المخبر به - وبمعنى الإخبار أيضاً - فتعدد الاستعمال توسيع لدائرة =