شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[الدليل الثالث الإجماع]

صفحة 140 - الجزء 1

  من خواص هذه الأمة (في) أيِّ (عصر) فيندرج فيه اتفاق مجتهدي كل عصر. ولو لم يُذكر⁣(⁣١) لأَوْهَمَ أنه لا ينعقد إلا باتفاق مجتهدي جميع الأعصار إلى يوم القيامة؛ لعموم لفظ المجتهدين.

  (على) أيِّ (أمر) فيشمل الديني كالصلاة والزكاة، والدنيوي كتدبير الجيوش والحروب وأمر الرعية.

  وظاهر العبارة جواز انعقاده في زمنه ÷ كما نقل القرافي⁣(⁣٢) عن ابن إسحاق وابن برهان⁣(⁣٣)؛ لأن عموم أدلته متناول لما في زمنه وبعده، والمشهور أنه لا بد وأن يكون بعده ÷؛ لأنه لو كان في عصره ÷ فإن وافقهم فالحجة قوله أو فعله أو تقريره، وإن خالفهم فلا اعتبار بقولهم دونه⁣(⁣٤)، مع امتناعه منهم، وفيه بحث.

  والخاص: هو اتفاق مجتهدي عترة الرسول ÷ بعده في عصر على أمر. وقد تقدم بيانهم.

  (و) قد فهم من الحد ما هو (المختار) عند أئمتنا $ والجمهور من (أنه لا يشترط في انعقاده) وصيرورته حجة عدد التواتر، ولا (انقراض العصر) أي: عصر المجمعين، فلو انعقد ولو حيناً يسيراً لم يجز لهم ولا لغيرهم مخالفته.

  وقال ابن حنبل وابن فورك: بل يشترط.

  قلنا: لم تفصل أدلته بين ما انقرض عصره وما لم ينقرض، ولأنه يلزم ألا ينعقد إجماع لتداخل القرون.


(١) أي: في عصر.

(٢) هو: شهاب الدين أبو العباس أحمد بن إدريس انتهت إليه رئاسة الفقه في مذهب مالك.

(٣) نقيضه هو: أحمد بن علي بن محمد بن برهان درس على الغزالي والشاشي.

(٤) يقال: المخالفة منهم له ÷ لا تتصور؛ لعصمتهم من الخطأ.