[مستند الإجماع]
[مستند الإجماع]
  (و) المختار عند أئمتنا $ والجمهور أيضاً (أنه) لا يصح أن يجمعوا جزافاً لا عن مستند، بل (لا بد له) أي: للإجماع (من مستند) دليل أو أمارة، خلافاً لبعضهم(١)؛ محتجًّا بأنه لو احتيج إلى مستند لاستُغنِي عنه بالمستند، فيعرى عن الفائدة.
  قلنا: ينتفي علم إصابة الحق مع فقده، ولأن الإجماع بلا سند محال عادة؛ لأن اتفاق الكل لا لداع يستحيل عادة(٢)، كالاجتماع على أكل طعام واحد في وقت واحد. والعراء عن الفائدة مع المستند ممنوع؛ إذ فائدته حرمةُ المخالفة، وسقوطُ البحث عن المستند(٣).
  (وإن لم ينقل إلينا) وبهذا يظهر فساد ما ذكر صاحب الفصول من أن شرط الاستدلال به معرفةُ السند، ومعرفةُ كيفية نقله من تواتر أو تلق بالقبول في القطعي، أو آحاد في الظني؛ لأن اشتراط معرفة الكيفية فرعُ ثبوت اشتراط نقله في الجملة(٤)، فمهما لم يثبت(٥) لم تثبت(٦).
  ثم إذا أجمع على موجب دليل: فإن كان قطعيًّا(٧) عندهم فهو سند الإجماع قطعاً؛ لامتناع ألا يتفقوا على القطعي مع طلبهم لما يدل على الحكم، ولو فرض ظهور ظني لهم مفيد لذلك لم يجز أن يكون صارفاً لدعاء القطعي إياهم إلى الحكم به والاتفاق عليه.
(١) وهي مسألة التفويض والخلاف فيها على خمسة أقوال ذكرها في الفصول، ومن حجج القائلين بالوقوع: قوله تعالى: {إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ}[آل عمران ٩٣]، وقوله ÷: «إلا الإذخر»، و «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك» وقوله: «بل للأبد ..» الخبر. قلت: ومما يدل عليه قوله تعالى: {هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ٣٩}[ص].
(٢) ولأن عدم المستند يستلزم الخطأ، فلو أجمع لا عن مستند اجتمعت الأمة على خطأ.
(٣) وإن سلم ما ذكروه لم يصح عن مستند، وذلك مما لم يقل به أحد تمت شرح غاية.
(٤) ونحن لا نشترط نقله.
(٥) أي: النقل.
(٦) أي: المعرفة.
(٧) بأن يكون نصاً في دلالته متواتراً في نقله.