شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[بيان من هم أهل البيت $]

صفحة 153 - الجزء 1

  وكونُ أول الكلام وآخره يقتضي كونهن المراد ممنوعٌ بتذكير الضمير.

  ولو سلم لزم حجية إجماعهن، ولا قائل به، فعلم أن المراد غيرهن؛ لئلا تخلو الآية عن الفائدة. ولا يلزم من ذلك تنافرُ الآي، وكونُ التقدير: «وأطعن الله ورسوله فإجماع العترة حجة»؛ إذ لا شك في حسن ذكرهن بما يرفع قدرهن؛ لقربهن من رسول الله ÷ وأولاده $.

  يوضح ما ذكرناه: أن أكثر المفسرين على أن الآية لم تنزل في نساء النبيء ÷، ولم يُرَدْنَ بها، ولو كان متنافراً لما أطبقوا عليه، فمن ذلك: ما رواه أبو طالب # في أماليه بإسناده إلى أم سلمة: أن النبيء ÷ أخذ ثوباً فجلله على علي # وفاطمة والحسن والحسين $، ثم قرأ هذه الآية: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ٣٣}⁣[الأحزاب]، فجئت لأدخل معهم فقال: «مكانك، إنك على خير».

  وفي جامع الترمذي بالإسناد إلى ابن عباس قال: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ} نزلت في رسول الله ÷ وعلي وفاطمة والحسن والحسين. والرجس: الشك.

  وفيه بالإسناد إلى واثلة بن الأسقع قال: أتيت فاطمة & أسألها عن علي #، فقالت توجه إلى رسول الله ÷، فجلست أنتظره حتى جاء رسول الله ÷ ومعه علي والحسن والحسين، آخذاً كل واحد منهما بيده حتى دخل، فأدنى عليًّا وفاطمة فأجلسهما بين يديه، وأجلس حسناً وحسيناً كل واحد منهما على فخذه، ثم لف عليهم بثوبه، أو قال: كساءه، ثم تلا هذه الآية: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}، ثم قال: «اللهم هؤلاء أهل بيتي، وأهل بيتي أحق». أخرجه من ثلاث طرق، وفي أحدها أحمد بن حنبل واللفظ له⁣(⁣١).


(١) يستحب أن يقال: «واللفظ له» إذا تعدد الرواة واختلفت روايتهم لفظاً؛ للخروج من خلاف من لا يجيز الرواية بالمعنى.