شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[حجة القائلين بالقياس]

صفحة 172 - الجزء 1

  وجعفر بن مبشر⁣(⁣١)، وجعفر بن حرب⁣(⁣٢)، والظاهرية، والقاشاني، والنهرواني، فمنعوا كونه متعبداً به من جهة السمع، فليس دليلاً. ثم اختلفوا فقيل: لأنه لم يوجد في السمع ما يدل عليه، وقالت الإمامية: بل لوروده بإبطاله.

  (وهو) أي: من منع التعبد به سمعاً (محجوج) أي: قائم عليه الحجة بالكتاب العزيز، قال تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ}⁣[النساء ٥٩]، وظاهر الرد يفيد القياسَ لا الاستدلالَ بالنصوص؛ لأن الاستدلال بها قد دخل تحت قوله تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ}⁣[النساء ٥٩].

  وقال تعالى: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ}⁣[النساء ٨٣]، والاستنباط هو القياس والاجتهاد، وكذلك الرد.

  وقال تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ}⁣[النساء ٨٢]، ومِن جُمْلَةِ التدبر في معاني القرآن النظرُ في الأحكامِ الشرعيةِ وعللِها، وأظهرُ فوائد ذلك إلحاقُ النظير بالنظير.

  وبالسنة، كخبر الْقُبْلَة، والخثعمية، وتفريق قضاء شهر رمضان، والصوم عن الأم، الآتي إن شاء الله تعالى.

  وما روي أن عليًّا # قال لعمر لما شك في قَوَد القتيل الذي اشترك في قتله سبعة: أرأيت لو اشترك نفر في سرقة أكنت تقطعهم؟ قال: نعم، قال: وذلك. وهو قياس للقتل على السرقة.

  وقوله # لما استشار عمر الناس في حد شارب الخمر: أرى أن تجعلها بمنزلة حد الفرية، إن الرجل إذا شرب هذى، وإذا هذى افترى. وقد تقدم تخريجه في الإجماع عن القياس⁣(⁣٣). فقاس # الشارب على القاذف، وقوله # عندنا حجة؛ لما تقدم.


(١) جعفر بن مبشر الثقفي المتكلم أبو محمد البغدادي الفقيه البليغ، له تصانيف جمة وتبحر في العلوم، توفي سنة ٢٣٤ هـ، وله أخ متكلم معتزلي يقال له: حبيش بن مبشر دون جعفر في العلم.

(٢) أبو الفضل جعفر بن حرب الهمذاني المعتزلي العابد كان من نساك القوم وله تصانيف، توفي عن نحو ستين سنة، ومن تلامذته محمد بن عبد الله الإسكافي الذي كان أعجوبة في الذكاء وسعة المعرفة مع الدين والتصون والنزاهة.

(٣) أي: كون مستند الإجماع القياس.